ولا يتقبلون كلّ وسواس.
الإسلام الحنيف يبشّر الذين يستمعون القول ويتبعون أحسنه ، الذين لا يكتفون بترجيح الجيد على السيء ، وإنّما ينتخبون الأحسن ثمّ الأحسن من كلّ قول ورأي.
ويوبّخ ـ بشدّة ـ الجهلة الذين يضعون أصابعهم في آذانهم ويستغشون ثيابهم كلما سمعوا صوت الحق ، كما ورد في قول نوح صلىاللهعليهوآلهوسلم عند ما شكى قومه للبارئ عزوجل : (وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً) (١).
وأساسا فإنّ المذهب القوي الذي يملك منطقا قويا لا يرهب أقوال الآخرين ، ولا يخاف من طرح آراء تلك المذاهب ، لأنّه أقوى منها وهي التي ينبغي أن تخافه.
هذه الآية وضعت ـ في نفس الوقت الذين يتبعون أيّ قول يقال لهم من دون أيّ تفكير في مدي صدقه ، وحتى أنّهم لا يحققون ولا يبحثون فيه بقدر ما تبحث الأغنام عن الغذاء الجيد في المراعي ، وضعتهم خارج صف (أولوا الألباب) والذين (هداهم الله). فهاتان الصفتان تختصّان بالذين لم يبتلوا الاستسلام المفرط من دون أيّ قيد أو شرط ، والذين لم يفرطوا في تعصبهم الجاهلي الأعمى.
٢ ـ الردّ على بعض الأسئلة
من الممكن أن تطرح على ضوء البحث السابق عدّة أسئلة ، منها :
١ ـ لماذا يمنع الإسلام بيع وشراء كتب الضلال.
٢ ـ لماذا يحرم إعطاء القرآن الكريم بيد الكفار.
٣ ـ كيف يمكن لإنسان ليس له إلمام بموضوع ما أن ينتخب ويميز الجيد من
__________________
(١) سورة نوح ، الآية ٧.