المغرورون بالعلم!
في الآيات المختلفة لهذه السورة المباركة ـ كما أوضحنا ذلك ـ يتبيّن أنّ أساس انحراف قسم كبير من الناس هو التكبر والغرور.
قد يكون امتلاك المال من أسباب العلو والتكبر ، أو كثرة الأفراد وامتلاك القدرات العسكرية. أو كمية محدودة من المعلومات في فرع من فروع المعرفة ، يظن الإنسان أنّها كبيرة وكثيرة ، فتدفعه إلى العلو والاستغناء السخرية.
إنّ حالة عصرنا الراهن تعكس نموذج «الغرور العلمي» بشكل جلّي واضح ، ففي ظل التقدم السريع الذي أحرزته المجتمعات المادية في المجالات العلمية والتقنية ، نراها عمدت إلى إلغاء دور الدين من الحياة ، وقد سيطر الغرور العلمي على بعض علماء الطبيعة الى درجة أنّهم تصوروا أن لا يوجد في هذا العالم شيء خارج اطار علومهم ومعارفهم ، وبما أنّهم لم يروا الله في مختبراتهم أنكروا وجوده وجحدوا نعمته.
لقد ذهب بهم الغرور إلى أكثر من ذلك عند ما أصبحوا يجهرون أن الدين ووحي الأنبياء إنّما كانا بسبب الجهل أو الخوف ، أما وقد حلّ عصر التقدم العلمي فإنّ الحاجة إلى مثل هذه المسائل انعدمت تماما ، بل وعمدوا إلى فرض تفسير معين لتطوّر الحياة يماشي ادعاءهم هذا ، فقالوا : إنّ الحياة الفكرية للبشر مرّت عبر المراحل الآتية :
١ ـ مرحلة الأساطير.
٢ ـ مرحلة الدين.
٣ ـ مرحلة الفلسفة.
٤ ـ مرحلة العلم ، والمقصود بها العلوم الطبيعية.
بالطبع ، نحن لا ننكر أنّ السلطة الديكتاتورية للكنيسة على عقول الناس في أوروبا ، وشيوع الخرافات وأنواع التفكير الأسطوري لقرون مديدة في تأريخ تلك