٢ ـ اصحاب الأحمال الثقيلة
بعض المفسّرين أوردوا أسبابا متعددة لنزول الآيات آنفة الذكر ، ويحتمل أن تكون جميعها من قبيل التطبيق وليس من قبيل أسباب النّزول.
ومنها قصة (وحشي) الذي ارتكب أفظع جريمة في ساحة معركة أحد ، عند ما قتل حمزة عمّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم غدرا ، وقد كان حمزة قائدا شجاعا كرّس كلّ حياته في سبيل الدفاع عن النّبي الكريم. وبعبارة اخرى : إنّه كان درعا للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم. فبعد أن بلغ الإسلام أوج عظمته وانتصر المسلمون على أعدائهم ، أراد وحشي أن يدخل الدين الإسلامي ، ولكنّه كان خائفا من عدم قبول إسلامه ، ولما أسلم قال له النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أوحشي؟» قال : نعم ، قال : «أخبرني كيف قتلت عميّ» فأخبره ، فبكى صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقال : «غيب وجهك عنّي فإنّي لا أستطيع النظر إليك» فلحق بالشام فمات في الخمر (١). وهنا تساءل أحدهم : هل أن هذه الآية تخص وحشيا فقط أم تشمل كلّ المسلمين ، فأجاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّها تشمل الجميع.
ومنها قصة النباش ـ قال : دخل معاذ بن جبل على رسول الله باكيا فسلّم فردّ عليهالسلام ثمّ قال : «ما يبكيك ، يا معاذ؟» فقال : يا رسول الله ، إنّ بالباب شابا طريّ الجسد نقي اللون حسن الصورة يبكي على شبابه بكاء الثكلى على ولدها يريد الدخول عليك.
فقال النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ادخل عليّ الشاب يا معاذ» فأدخله عليه فسلم فردّ عليهالسلام قال : «ما يبكيك يا شاب؟»
قال : كيف لا أبكي وقد ركبت ذنوبا ، إن أخذني الله عزوجل ببعضها أدخلني نار جهنم؟ ولا أراني إلّا سيأخذني بها ولا يغفر لي أبدا.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «هل أشركت بالله شيئا؟».
__________________
(١) سفينة البحار ، المجلد ٢ ، الصفحة ٦٣٧ ، مادة (وحش) وتفسير الفخر الرازي ، المجلد ٢٧ ، الصفحة ٤ ، وتفسير نور الثقلين ، المجلد ٤ ، الصفحة ٤٩٣.