ثانيا : بما تتعلق الأيام الاربعة في عبارة : (فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ)؟
بعض المفسّرين يعتقد أنّها تخص «الأقوات» فقط. لكنّها ليست كذلك ، بل تشمل الأقسام الثلاثة المذكورة في الآية (أي خلق الجبال ، خلق المصادر وبركات الأرض ، خلق الموارد الغذائية) لأنّه ـ خلافا لذلك ـ فإنّ بعض هذه الأمور سوف لا تدخل في الأيام الواردة في الآيات أعلاه ، وهذا أمر لا يتناسب مع نظم الآيات ونظامها.
بعد الانتهاء من الكلام عن خلق الأرض ومراحلها التكاملية ، بدأ الحديث عن خلق السماوات حيث تقول الآية : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً).
فكانت الإجابة : (قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ).
وفي هذه الأثناء : (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ) ثم : (وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها) وأخيرا : (وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً) نعم : (ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ).
في الآيتين المتقدمتين تستلفت النظر عشر ملاحظات سنقف عليها خلال النقاط الآتية ، التي ننهي من خلالها البحث في هذه المجموعة من الآيات ، وهي :
أولا : كلمة «ثم» تأتي عادة للإشارة إلى التأخير في الزمان ، وتأتي أحيانا للدلالة على التأخير في البيان. فإذا كان المعنى الأوّل هو المقصود فسيكون المفهوم هو أنّ خلق السماوات تمّ بعد خلق الأرض وخلق الجبال والمعادن والمواد الغذائية. أما إذا كان المعنى الثّاني هو المقصود ، فليس هناك مانع من أن تكون السماوات قد خلقت وبعدها تمّ خلق الأرض ، ولكن عند البيان ذكرت الآية أوّلا خلق الأرض والأرزاق ومصادرها التي يحتاجها البشر ، ثمّ عرجت إلى ذكر قضية خلق السماء.
المعنى الثّاني بالإضافة إلى أنّه أكثر تناسقا وانسجاما مع الاكتشافات العلمية ،