والأنكى من ذلك أن ليس هناك من ينصرهم : (وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ).
فبعد عمر من الجد والعمل في سبيل التظاهر بالعظمة والعلو ، يصيبهم الله تعالى بعذاب أذلهم في هذه الدنيا ، وفي العالم الآخر ينتظرهم ما هم أشد وأصعب!
«صرصر» : على وزن (دفتر) مشتقّة في الأصل من كلمة «صرّ» على وزن «شرّ» وتعني الغلق بإحكام ، لذا تستعمل كلمة «صرّه» للكيس الذي يحتوي على المال وهو مغلق بشكل جيّد. ثمّ أطلقت على الرياح الباردة جدا ، أو التي فيها صوت عال ، أو الرياح المسمومة القاتلة. وقد تكون الرياح العجيبة التي شملت قوم «عاد» تحمل كلّ هذه الصفات جميعا.
(أَيَّامٍ نَحِساتٍ) تعني الأيام المشؤومة التي اعتبرها البعض بأنّها الأيّام المليئة بالتراب والغبار ، أو الأيّام الباردة جدا ، وهذه المعاني يمكن أن تكون مرادة من الآيات التي نحن بصددها.
لقد أشار أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام في خطب نهج البلاغة إلى قصة عاد ، كي تكون درسا أخلاقيا تربويا يتعظ منه الآخرون. يقول عليهالسلام : «واتعظوا فيها بالذين قالوا : من أشدّ منّا قوّة؟ حملوا إلى قبورهم ، فلا يدعون ركبانا ، وأنزلوا الأجداث فلا يدعون ضيفانا ، وجعل لهم من الصفيح أجنان ، ومن التراب أكفان ، ومن الرفات جيران» (١).
* * *
ملاحظتان
أوّلا : ما هي وسيلة فناء قوم عاد؟
وفقا للآية (١٣) من هذه السورة ، فإنّ قوم عاد وثمود أهلكوا بالصاعقة. في حين أنّ الآيات التي نبحثها تقول : إنّهم أبيدوا بالريح الصرصر العاتية ، فهل هناك
__________________
(١) نهج البلاغة : الخطبة رقم (١١١).