المستقيم ، وموهبة إلهية عظيمة بالنسبة للسائرين على طريق الحق ، وهو ماء الحياة بالنسبة للعطاشى كي ينتهلوا منه.
وقد ورد نفس هذا المعنى بعبارة اخرى في الآية (٤٤) من سورة فصلت حيث تقول الآية : (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ).
ثم تقول الآية مفسرة للصراط المستقيم : (صِراطِ اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ).
وهل هناك طريق أكثر استقامة من الطريق الذي ينتهي بخالق عالم الوجود؟
وهل هناك أحسن من هذا الطريق؟
فالسعادة الحقيقية هي السعادة التي يدعو إليها الخالق ، والوصول إليها يجب أن يكون عبر الطريق الوحيد الذي انتخبه البارئ لها.
أمّا آخر جملة في هذه الآية ـ وهي آخر آية في سورة الشورى ـ فهي في الحقيقة دليل على أن الطريق المستقيم هو الطريق الوحيد الذي يوصل إلى الخالق ، حيث تقول : (أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ).
فبما أنّه يملك عالم الوجود ويحكمه ويدبره لوحده ، وبما أن برامج تكامل الإنسان يجب أن تكون تحت إشراف هذا المدبّر العظيم ، لذا فإن الطريق المستقيم هو الطريق الوحيد الذي يوصل إليه ، والطرق الأخرى منحرفة وتؤدي إلى الباطل ، وهل هناك حق في هذا العالم غير ذاته المقدسة؟!
هذه الجملة بشرى للمتقين ، وهي في نفس الوقت تهديد للظالمين والمذنبين ، لأن الجميع سوف يرجعون إلى الخالق.
وهي دليل على أن الوحي يجب أن يكون من الخالق فقط ، لأن جميع الأمور ترجع إليه وتدبير كلّ شيء بيده ، ولهذا السبب وجب أن يكون البارئ تعالي هو مصدر الوحي بالنسبة للأنبياء حتى تتمّ الهداية الحقيقية.