فأوّل آية تقول : (اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ) (١).
وإذا كنتم تتصورون وجود ملجأ آخر سوى لطفه ، وأحدا يحميكم غير رحمته ، فإنّكم على خطا ، لأن : (ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ).
عبارة (يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ) تشير إلى يوم القيامة ، وليس إلى يوم الموت.
كما أن عبارة (من الله) تشير إلى أن أحدا لا يستطيع أن يتخذ قرارا بعدم العودة قبال أمر الخالق جلّ وعلا.
وعلى أية حال ، فجميع الطرق التي يعتقد أنّها تنقذ الشخص من العذاب الإلهي تكونن مغلقة في ذلك اليوم ، وأحدها هو العودة إلى عالم الدنيا والتكفير عن الذنوب والخطايا.
أمّا الآخر فهو وجود ملجإ يأمن الإنسان عند اللجوء إليه.
وأخيرا وجود من يقوم بالدفاع عن الإنسان.
فكل جملة من الجمل الثلاث ـ للآية أعلاه ـ تنفي واحدا من هذه الطرق.
وقد فسّر بعضهم جملة (ما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ) بمعنى أنكم لا تستطيعون أن تنكروا ذنوبكم هناك ، لأن الأدلة والشهود كثيرون بحيث لا مجال للإنكار ، إلّا أن المعنى الأوّل أفضل كما يبدو.
الآية التي بعدها تخاطب الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وتواسيه قائلة : (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) فلا تحزن عليهم لأنّك لست مسئولا عن حفظهم من الانحراف.
(إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ) سواء قبلوا بذلك أم لم يقبلوا.
يجب عليك أن تقوم بإبلاغ الرسالة الإلهية بأفضل وجه ، وتتم الحجّة عليهم ، أمّا القلوب المهيأة فسوف تقبل بذلك بالرغم من أن كثيرا من الجاهلين سوف
__________________
(١) قد تكون عبارة (من الله) في الجملة أعلاه بمعنى (من قبل الله) يعني لا توجد عودة من قبل الخالق ، وقد تكون بمعنى (في مقابل الله) يعني لا يوجد من يستطيع أن يعيدكم إلى هذه الدنيا ضد إرادة الخالق.