يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ) (١).
لقد جاءهم نبيّهم بمنطق قوي وقلب ملؤه الحبّ ، ومعه المعاجز الإلهية ، إلّا أنّ هؤلاء القوم المغرورين المستعلين لم يرفضوا دعوته ـ وحسب ـ بل آذوه وأتباعه القليلين ، لذلك شملهم الله بعقابه في الدنيا ، ولن يغني ذلك عن عذاب الآخرة شيئا.
نقرأ في الآية (٧٨) من سورة الأعراف أنّهم أصيبوا بزلزلة عظيمة ، فبقيت أجسادهم في المنازل بدون حراك : (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ).
وفي الآية (٥) من سورة الحاقة قوله تعالى بشأنهم : (فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ).
أمّا الآية (٦٧) من سورة هود فتقول عنهم : (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ).
أمّا الآية التي نحن بصددها فقد استخدمت تعبير «صاعقة».
قد يتصور البعض أن هناك تعارضا بين هذه التعابير ، ولكن عند التدقيق يظهر أنّ الكلمات الأربع أعلاه (رجفة ، طاغية ، صيحة ، صاعقة) ترجع جميعا إلى حقيقة واحدة ، لأنّ الصاعقة ، ـ كم قلنا سابقا ـ لها صوت مخيف ، بحيث يمكن أن نسميها بالصيحة السماوية ، ولها أيضا نارا محرقة ، وهي عند ما تسقط على منطقة معينة تحدث هزّة شديدة ، وكذلك هي وسيلة للتخريب.
في الواقع إنّ البلاغة القرآنية تستوجب أن تبيّن الأبعاد المختلفة للعذاب الإلهي بتعابير مختلفة وفي سياق آيات عديدة كيما تخلّف أثرا عميقا في نفس الإنسان.
وهؤلاء القوم قد واجهتهم عوامل مختلفة للموت في إطار حادثة واحدة ، بحيث أن كلّ عامل لوحده يكفي لإبادتهم كالصيحة المميتة مثلا ، أو الهزة الأرضية
__________________
(١) الحجر ، الآية ٨٢.