في طريق الإيمان والهدى.
أمّا القوم الظالمون فقد كان مصيرهم ما يرسمه لنا القرآن الكريم : (وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ) (١).
إنّ العذاب والعقاب الإلهي أليم بمجمله ، إلّا أنّ تعبير «سوء العذاب» يظهر أنّ الله تبارك وتعالى انتخب لهم عذابا أشد إيلاما من غيره ، وهو ما تشير إليه الآية التي بعدها ، حيث قوله تعالى : (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا) (٢) ثم : (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ).
وهنا نلفت النظر إلى الملاحظات الثلاث الآتية :
أولا : استخدام تعبير (آل فرعون) إشارة إلى العائلة والأنصار والأصحاب الضالين ، وعند ما يكون هذا هو مصير الآل ، ترى ماذا يكون مصير نفس فرعون؟
ثانيا : تقول الآية : إنهم يعرضون على النّار صباحا ومساء ، ثمّ تقول : في يوم القيامة يكون العذاب أشد ما يمكن. وهذا دليل على أنّ العذاب الأوّل يختص بعالم البرزخ ، وهو ممّا يلي موت الإنسان ومغادرة روحه جسده ، ويقع قبل يوم القيامة ... إنّ العرض على نار جهنّم يهز الإنسان ويجعله يرتعد خوفا وهلعا.
ثالثا : إن تعبير بـ (الغدو) و (العشي) قد تكون فيه إشارة إلى استمرار العذاب.
أو قد يفيد انقطاع العذاب البرزخي ليقتصر على (الغدو) و (العشي) أي الصبح والمساء ، وهو الوقت الذي يقترن في حياة الفراعنة وأصحابهم ومع أوقات لهوهم واستعراضهم لقوتهم وجبروتهم في حياتهم الدنيا.
وينبغي أن لا نتعجب هنا من كلمتي (الغدو) و (العشي) فنسأل : وهل في البرزخ ثمّة صباح ومساء؟ لأنّ الصبح والليل موجودان حتى في يوم القيامة ، كما
__________________
(١) (حاق) بمعنى أصاب ونزل ، ولكن احتملوا أيضا أن يكون أصلها (حق) فتغيرت إحدى القافين فيها إلى ألف فأصبحت (حاق) [يلاحظ ذلك في مفردات الراغب كلمة حاق]. ضمنا فإنّ (سوء العذاب) من قبيل إضافة الصفة إلى الموصوف ، إذ كانت في الأصل (العذاب السوء).
(٢) «النّار» بدل عن (سوء العذاب).