كلمة «مريب» مشتقّة من «الريب» ومعناه الشكّ المقترن بسوء الظن والنظرة السيئة والقرائن المخالفة ، وعلى هذا فيكون مفهوم هذه الكلمة انّ عبدة الأصنام ما كانوا يترددون في مسألة حقيقة القرآن او نزول العذاب على المفسدين فحسب ، بل كانوا يدّعون بأنّ لديهم قرائن تخالف ذلك ايضا.
امّا «الراغب» فيقول في «مفرداته» : انّ معنى الريب هو الشك الذي يرفع عنه الحجاب بعدئذ ويعود الى اليقين ، فعلى هذا يكون مفهوم الآية انّ الحجاب سيكشف عاجلا عن حقانية دعوتك وكذلك عن عقاب المفسدين وتظهر حقيقة الأمر!
ويضيف القرآن لمزيد التأكيد (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ) وهذا الأمر ليس فيه صعوبة على الله ولا حرج إذ (إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).
الطريف انّ القرآن يقول : (لَيُوَفِّيَنَّهُمْ أَعْمالَهُمْ) ليشير مرّة اخرى الى مسألة تجسّم الأعمال وانّ الجزاء والثواب هما في الحقيقة اعمال الإنسان نفسه التي تتخذ شكلا آخر وتصل اليه ثانية.
وبعد ذكر قصص الأنبياء والأمم السابقة ورمز نجاحهم ونصرهم ، وبعد تسلية قلب النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وتقوية ارادته ، يبيّن القرآن ـ عن هذا الطريق ـ اهمّ دستور امر به النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ).
«استقم» في طريق الإرشاد والتبليغ ... استقم في طريق المواجهة والمواصلة ... استقم في أداء الوظائف الالهية ونشر التعليمات القرآنية.
ولكن هذه الاستقامة ليست لينال فلان او فلان مستقبلا زاهرا ، وليست للرياء وما شابه ذلك ، وليست لاكتساب عنوان البطولة ، ولا اكتساب «المقام» او «الثروة» او «الموفقية» او «القدرة» ، بل هي لمجرّد طاعة الله واتباع امره (كَما
__________________
كتاب موسى ، ولكن قال آخرون : ان الضمير في (انهم) يعود على مشركي مكة و «منه» يعود على القرآن ، وبملاحظة ان الآيات جاءت لتسلية قلب النبي فيكون التفسير الثاني اقرب للنظر.