سَيِّدَها لَدَى الْبابِ).
وحين نتجاوز هذه الآيات ونصل الى الآية (٣٠) نواجه التعبير عن زوجته بـ «امْرَأَتُ الْعَزِيزِ».
وهذا البيان التدريجي امّا لانّ القرآن يتحدث ـ حسب طريقته ـ بالمقدار اللازم ، وهذا دليل من ادلة الفصاحة والبلاغة ، او لأنّه ـ كما هو ملاحظ هذا اليوم في «نصوص الآداب» ايضا ـ حين يبدأ بالقصّة ـ يبدأ بها من نقطة غامضة ليتحرك الاحساس في الباحث ، وليلفت نظره نحو القصّة.
٢ ـ يوسف عليهالسلام وتعبير الأحلام
الملاحظة الاخرى التي تثير السؤال في الآيات المتقدمة ، هي : ما علاقة الاطلاع على تفسير الأحلام وتأويل الأحاديث بمجيء يوسف الى قصر عزيز مصر الذي أشير اليه بلام الغاية في جملة (وَلِنُعَلِّمَهُ)؟!
لكن مع الالتفات الى انّ هذه النقطة يمكن ان تكون جوابا للسؤال الآنف الذكر ، وهي ان كثيرا من المواهب العلمية يهبها الله قبال التقوى من الذنوب ومقاومة الأهواء والميول النفسيّة ، او بتعبير آخر : انّ هذه المواهب التي هي ثمرة البصيرة القلبية الثاقبة ، هي جائزة الهية يهبها الله لمثل هؤلاء الأشخاص.
نقرا في حالات ابن سيرين مفسر الأحلام المشهور انّه كان رجلا بزازا وكان جميلا للغاية فعشقته امراة وتعلق قلبها به ، واستدرجته الى بيتها بأساليب وحيل خاصّة ، ثمّ غلّقت الأبواب عليه (لينال منها الحرام) لكنه لم يستسلم لهوى تلك المراة وأخذ ينصحها ويذكر مفاسد هذا الذنب العظيم ، ولكن نار الهوى كانت متأججة في قلبها بحيث لم يطفئها ماء الموعظة ، ففكر ابن سيرين في الخلاص من قبضتها ، فلوّث جسده بما كان في بيتها من اقذار تنفّر الرائي ، فلما رأته المراة نفرت منه وأخرجته من البيت.