كما جاء في بعض الرّوايات انّ سجودهم كان طاعة لله وتحيّة ليوسف (١).
كما انّ السجود لآدم كان سجودا لله العظيم الذي خلق مثل هذا الخلق البديع ، وهو في الوقت الذي يعدّ عبادة لله فهو دليل على احترام آدم وعظمته.
وهذا الأمر يشبه تماما ان يؤدّي رجل ـ مثلا ـ عملا مهمّا عظيما ، فنسجد نحن لله الذي خلق مثل هذا الإنسان ، فهذا السجود هو لله كما انّه في الوقت ذاته يعدّ احتراما وتعظيما للرجل ايضا.
٢ ـ وساوس الشيطان :
انّ جملة (نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي) مع ملاحظة انّ نزغ بمعنى الدخول في امرّ ما بقصد الفساد او الإفساد تدلّ على انّ لوساوس الشيطان في مثل هذه الحوادث أثرا مهمّا دائما ، الّا انّنا نوّهنا من قبل بأنّ هذه الوساوس لوحدها لا تعمل شيئا ، فالمصمّم الأخير هو الإنسان نفسه ، بل هو الذي يفتح أبواب قلبه للشيطان ويسمح له بالدخول.
فبناء على ذلك فليس في الآية ـ محلّ البحث ـ امر خلاف اصل حريّة الارادة أساسا. غاية ما في الأمر انّ يوسف عليهالسلام بما لديه من حلم وسعة صدر لم يرغب ان يحرج اخوته ويزيد في خجلهم ، فهم كانوا خجلين الى درجة كافية ، ولهذا لم يشر الى المصمّم النهائي وانّما ذكر وساوس الشيطان التي تعدّ العالم الثانوي فحسب.
٣ ـ الأمن نعمة الله الكبرى؟
لقد أشار يوسف الى مسألة الأمن من بين جميع المواهب والنعم بمصر ، وقال لأبويه واخوته (ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ) وهذا الأمر يدلّ على انّ
__________________
(١) تفسير نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٤٦٨.