٥ ـ التوسّل جائز :
يستفاد من الآيات ـ آنفة الذكر ـ انّ طلب الاستغفار من الآخرين غير مناف للتوحيد ، بل هو سبيل الى الوصول الى لطف الله سبحانه ، والّا فكيف كان يمكن ليعقوب ان يستجيب لطلب ابنائه في ان يستغفر لهم وان يجيبهم بالإيجاب على توسّلهم به.
وهذا الأمر يدلّ على ان التوسّل بأولياء الله جائز على الإجمال ، والأشخاص الذين يرون ذلك مخالفا لاصل التوحيد غافلون عن نصوص القرآن ، او انّ التعصّب المقيت يحجب ابصارهم عن تلك النصوص.
٦ ـ نهاية الليلة السوداء
انّ الدرس الكبير الذي نستلهمه من الآيات المتقدّمة هو انّه مهما كانت المشاكل والحوادث صعبة وعسيرة ، ومهما كانت الأسباب والعلل الظاهرية غير تامّة ومحدودة ، ومهما كان النصر او الفرج بطيئا (او غير متحقّق فعلا) فإنّ ايّا من أولئك لا يمنع من الرجاء والأمل بلطف الله ، فالله الذي أعاد البصر برائحة القميص ونقل رائحة ذلك القميص من مسافة بعيدة ، وردّ العزيز المفتقد بعد سنين طويلة ، قادر على ان يضمّد القلوب المجروحة من الفراق ، وان يشفي آلام النفوس.
اجل انّنا نجد الدرس التوحيدي الكبير ينطوي في هذا القصص والتاريخ ، وهو انّه لا شيء على الله بعزيز ولا عسير ، بل يهون كلّ شيء بأمره وارادته.
(إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).
* * *