ونستفيد ايضا من هذا البيان انّ للتسخير في لغة القرآن معنيان :
الاوّل : التسخير لخدمة الإنسان وتحقيق منافعه ومصالحه (كتسخير الشمس والقمر).
والثّاني : التسخير الذي يكون زمام أموره بيد الإنسان (كتسخير الفلك والبحار).
وامّا ما اعتقده البعض من انّ هذه الآيات اشارة الى تسخير الإنسان للقمر وغيره في عصرنا الحاضر فإنّنا لا نراه صحيحا ، لانّ هناك بعض الآيات تقول : (وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ) (١) ، فلا يستطيع الإنسان ان يصل الى جميع الكرات السّماوية بتاتا.
نعم هناك بعض الآيات قد تشير الى هذا النوع من التسخير ، وسوف نبحث هذا الموضوع بإذن الله في تفسير سورة الرحمن (وسبق لنا بحث في تسخير الموجودات للإنسان في ذيل الآية (٢) من سورة الرعد).
٥ ـ دائبين
قلنا انّ «دائب» من مادّة «الدؤوب» بمعنى استمرار العمل طبقا للعادة والسنّة ، فالشمس لا تدور حول الأرض ، بل الأرض تدور حول الشمس ، ونحن نظنّ انّ الشمس تدور حولنا ، وهذه الحركة ليست المقصودة في معنى «دائب» بل الاستمرار في انجاز العمل يدخل في مفهوم الدؤوب ، ونحن نعلم انّ الشمس والقمر لهما برنامج في انبعاث النّور وما يتبعه من توقّف الحياة على الأرض عليه بشكل مستمر وفي غاية من الدقّة (وهناك حركات اخرى للشمس كما يقوله العلماء ، منها الحركة حول نفسها ، وحركتها مع المجموعة الشمسية).
__________________
(١) الجاثية ، ١٣.