كثير من اسرار هذا العالم الساكن والهادىء وعن كثير من عجائبه بحيث نستطيع ان نقول : انّ اكبر درس للتوحيد ومعرفة الله كامن في تكوين الجنين ومراحل تكامله.
فمن هذا الذي يرعى هذا الكائن المخفي وبتعبير القرآن واقع «في ظلمات ثلاث» الذي يمتاز بالظرافة ودقّة التكوين وان يوصل له المقدار اللازم من الغذاء ويرشده مراحل حياته؟
وعند ما تقول الآية السابقة : (اللهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى) فليس المقصود من علمه بالذكر والأنثى فقط ، بل بكلّ خصائصه والطاقة الكامنة فيه ، هذه الأشياء لا يستطيع احد وبأي وسيلة ان يتعرّف عليها ، وعلى هذا فإنّ وجود هذا النظام الدقيق والمعقّد للجنين ومراحل تكامله لا يمكن ان يكون بدون صانع عالم وقدير.
٢ ـ كلّ شيء له مقدار
نحن نقرا في آيات مختلفة من القرآن الكريم انّ كلّ شيء له حدّ محدود ولا يتجاوزه ، ففي الآية (٣) من سورة الطلاق يقول تعالى : (قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) وفي الآية ٢١ سورة الحجر يقول تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) والآية التي نحن بصددها (وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ).
كلّ هذه تشير الى انّه ليس هناك شيء في العالم بدون حساب ، حتّى الموجودات في الطبيعة التي نعتبرها في بعض الأحيان غير مهمّة ، فإنّ وجودها على أساس حساب دقيق ، علمنا بذلك ام لم نعلم ، وأساسا فإنّ معنى حكمة الله هو ان يجعل لكلّ ما في الكون حدّا ومقدارا ونظاما.
وكلّ ما حصلناه اليوم من اسرار الكون بواسطة العلوم يؤكّد هذه الحقيقة ، فمثلا نرى انّ دم الإنسان ـ الذي هو المادّة الحياتية لوجود الإنسان والذي يقوم