وعلى كل حال فإنّ هذه القصّة ـ بعد الإسلام ـ تناقلتها أقلام مؤرخي الشرق والغرب ... وأحيانا مع أغصان وأوراق اضافية.
٥ ـ لم ذكرت قصّة يوسف في مكان واحد على خلاف قصص سائر الأنبياء؟!
انّ من خصائص قصّة يوسف البارزة انّ هذه القصّة ذكرت في مكان واحد من القرآن ، على خلاف قصص الأنبياء التي ذكرت على شكل فصول مستقلة في سور متعددة من القرآن.
والحكمة في ذلك تعود الى ان تفكيك فصول هذه القصّة مع ملاحظة وضعها الخاص يفقدها ترابطها وانسجامها ، فلهذا ينبغي ان تذكر كاملة في مكان واحد للحصول على النتيجة المتوخاة وعلى سبيل المثال فان الرؤيا وما ذكره أبوه من تعبير في اوّل هذه السورة يفقد معناه دون ذكر نهايتها.
لذلك نقرا في أواخر هذه السورة ، حين جاء يعقوب واخوة يوسف الى مصر وخرّوا له سجّدا قال يوسف ملتفتا الى أبيه : (يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا) (١).
هذا النموذج يوضح الارتباط الوثيق بين بداية السورة ونهايتها ، في حين انّ قصص الأنبياء الآخرين ليست على هذه الشاكلة ، ويمكن درك كل واحدة من خلال فصولها.
والخصيصة الاخرى خصائص هذه السورة هي انّ قصص الأنبياء التي وردت في السور الاخرى من القرآن تبيّن عادة مواجهة الأنبياء لقومهم المعاندين والطغاة ، ثمّ تنتهي الحالة الى ايمان جماعة بالأنبياء ومخالفة جماعة اخرى لهم واستحقاقهم عذاب الله وعقابه.
__________________
(١) الآية ١٠٠.