بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ). لماذا؟ بسبب (وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ). ومعه كيف يمكننا ان نؤمن بما تدعونا اليه؟
ويرد هنا سؤال ، وهو انّهم أظهروا الكفر وعدم الايمان بالرّسول في البداية ، ولكن بعد ذلك أظهروا الشكّ والريب ، فكيف ينطبق الاثنان؟
الجواب : انّ بيان الشكّ والترديد ـ في الحقيقة ـ علّة لعدم الايمان ، لانّ الايمان بحاجة الى اليقين ، والشكّ مانع لذلك.
وبما انّ الآية السابقة بيّنت قول المشركين والكفّار في عدم ايمانهم بسبب شكّهم وترديدهم ، فالآية بعدها تنفي هذا الشكّ من خلال دليل واضح وعبارة قصيرة حيث يقول تعالى : (قالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).
مع انّ «فاطر» من «فطر» وهي في الأصل بمعنى «شقّ» الّا انّه هنا كناية عن «الخلق» فالخالق هو الموجد للأشياء على أساس نظام دقيق ثمّ يحفظها ويحميها ، كأنّ ظلمة العدم شقّت بنور الوجود ، وكما يطلع الفجر من عتمة الليل ، وكما يتشقّق التمر من غلافه.
ولعلّ «فاطر» تشير الى تشقّق المادّة الاوّلية للعالم. كما نقرأ في العلوم الحديثة انّ مجموع مادّة العالم كانت واحدة مترابطة ثمّ انشقّت الى كراة مختلفة.
وعلى ايّة حال ، فالقرآن الكريم هنا ـ كما في اغلب الموارد الاخرى ـ يستند لاثبات وجود الخالق وصفاته الى نظام الوجود وخلق السّماوات والأرض ، ونحن نعلم انّه ليس هناك أوضح من هذا الدليل لمعرفة الله ، لانّ هذا النظام العجيب مليء بالاسرار في كلّ زواياه ، وينادي بلسان حاله : ليس هناك من له القدرة على هذه الهندسة الّا القادر الحكيم والعالم المطلق ، ولهذا السبب فكلّما تقدّمت العلوم ظهرت اسرار تدلّ على الخالق اكثر من السابق وتقرّبنا من الله في كلّ لحظة.
وما اكثر العجائب في القرآن؟ فكلّ بحوث معرفة الله والتوحيد ـ والتي