٢ ـ ما هو المقصود من جملة (لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ)؟
قال بعض المفسّرين : انّ هاتين الصفتين (منذر) و (هاد) صفتان للرسول ، فأصل الجملة تكون (أنت منذر وهاد لكلّ قوم).
ولكن هذا التّفسير خلاف الظاهر ، لانّ الواو في جملة (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) تفصل بين جملة (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ) ولو كانت كلمة «هاد» قبل «لِكُلِّ قَوْمٍ» كان المعنى السّابق صحيحا. ولكن الأمر ليس كذلك.
والشيء الآخر هو انّ هدف الآية بيان انّ هناك قسمين من الدعوة الى الله : أحدهما ان يكون عمل الداعي هو الإنذار فقط. والآخر : ان يكون العمل هو الهداية.
وسوف تسألون حتما : ما هو وجه التفاوت بين (الإنذار) و (الهداية)؟ نقول في جواب هذا السؤال : انّ الإنذار للذين اضلّوا الطريق ودعوتهم تكون الى الصراط المستقيم ، ولكن الهداية والاستقامة للذين آمنوا.
وفي الحقيقة انّ المنذر مثل العلّة المحدثة ، امّا الهادي فبمنزلة العلّة الباقية وهذه هي التي تعبّر عنها بالرّسول والامام ، فالرّسول يقوم بتأسيس الشريعة والامام يقوم بحفظها وحراستها. (ليس من شكّ انّ الهداية في آيات اخرى مطلقة للرسول ، ولكن بقرينة المنذر في هذه الآية نفهم انّ المقصود من الهادي هو الشخص الحافظ والحامي للشريعة).
هناك روايات عديدة تؤكّد ما قلناه سابقا ، فقد قال الرّسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم : «انا المنذر وعلي الهادي».
ولا بأس ان نشير الى عدّة من هذه الرّوايات :
١ ـ في ذيل هذه الآية من تفسير الفخر الرازي مرفوعا عن ابن عبّاس قال : وضع رسول الله يده على صدره فقال : «انا المنذر» ثمّ اومأ الى منكب علي عليهالسلام وقال : (أنت الهادي بك يهتدي المهتدون من بعدي) هذه الرّواية ذكرها العلّامة