وعندها التفت يوسف الى اخوته وأبويه و (قالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ) لانّ مصر أصبحت تحت حكم يوسف في امن وأمان واطمئنان.
ويستشفّ من هذه الجملة انّ يوسف كان قد خرج الى خارج بوّابة المدينة لاستقبال والديه واخوته ، ولعلّ التعبير ب (دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ) يحتمل ان يكون يوسف قد أمر أن تنصب الخيام هناك «خارج المدينة» وان تهيأ مقدّمات الاستقبال لأبويه واخوته.
فلمّا دخلوا القصر أكرمهم يوسف عليهالسلام (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ).
وكانت هذه العظمة من النعمة الالهيّة واللطف والموهبة التي منّ الله بها على يوسف قد ادهشت اخوة يوسف وأبويه فذهلوا جميعا (وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً).
وعندها التفت يوسف الى أبيه (وَقالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ).
الم يكن انّي رأيت احد عشر كوكبا والشمس والقمر رايتهم لي ساجدين؟! فانظر يأبت كما كنت تتوقّع من عاقبة امري (قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا) .. (وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ).
الطريف هنا انّ يوسف تكلّم هنا عن سجنه في مصر من بين جميع مشاكله ولم يتكلّم على الجبّ مراعاة لإخوته.
ثمّ أضاف يوسف قائلا : (وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي).
ومرّة اخرى يظهر هنا يوسف مثلا آخر من سعة صدره وعظمته ، ودون ان يقول : من هو المقصّر ، وانّما يقول بصورة مجملة انّ الشيطان تدخّل فنزغ بيني وبين اخوتي ، فهو لا يريد ان يتشكّى من اخطاء اخوته السالفة.
والتعبير عن ارض كنعان بالبدو تعبير طريف وكاشف عن مدى الاختلاف بين تمدّن مصر وتخلّف كنعان «حضاريّا».
وأخير يقول يوسف : انّ جميع هذه المواهب هي من قبل الله ، ولم لا تكون