الّذي وضع عليه القلم إذا التفت (١)
______________________________________________________
(١) هذا القيد لإخراج الغافل ، بداهة عدم كونه موضوعاً لشيء من هذه الأحكام ، وذلك لأن المقصود من بيان الأقسام المذكورة من القاطع والظان والشاك هو تعيين الوظيفة فعلا أو تركاً بمستند عقلي أو شرعي ، وليس هذا شأن الغافل ، إذ الاستناد متقوم بالالتفات كما هو واضح. ثم ان المراد بالالتفات هو الالتفات الإجمالي (*) في مقابل الغفلة ، والمعنى : أنه إذا خطر بباله أن للفعل الكذائي حكماً من الأحكام في مقابل من يكون غافلا عنه بالمرة ، فاما أن يحصل له بعد المراجعة إلى الأدلة العلم بذلك الحكم أو الظن به أو استقرار الشك فيه.
__________________
حيث ان هنا مقامين مترتبين :
أحدهما : استنباط الحكم علماً أو ظناً من الأدلة أو تعيين وظيفة الشاك التي يقتضيها الأصل العملي.
ثانيهما : بيان ذلك الحكم المستنبط أو الوظيفة العملية لغيره ، وكلامنا فعلا في المقام الأول ، ومن المعلوم أنه وظيفة المجتهد فقط.
وبعبارة أوضح : استنباط الأحكام من أدلتها وظيفة المجتهد. وأما الأحكام المستخرجة منها فهي لكونها أحكام الله تعالى لموضوعاتها مشتركة بين الكل ، ولذا يجب تبليغها إلى العباد ، فشك كل شاك بين الاثنتين والثلاث مثلا وان كان موضوعاً لوجوب البناء على الأكثر ، إلّا أن استنباط هذا الوجوب مختص بالمجتهد. وكما إذا قيل : «يجب بيع مال الموكل أو المولى عليه بالقيمة السوقية» فان أمر تشخيص هذه القيمة بيد أهل الخبرة ، ولا فرق في الغير الّذي يرجع إليه بين المجتهد كما إذا كان الرجوع في الحكم الشرعي ، وبين غيره كأهل الخبرة بالقيم والأسعار كما إذا كان الرجوع فيهما لا في نفس الحكم الشرعي.
(*) ومنه يظهر غموض ما أفاده سيدنا الأستاذ قدسسره في مجلس