أنه جعل غاية للإنذار الواجب ، وغاية الواجب واجبة (*).
______________________________________________________
النفر ، حيث جعل الاستدلال بها من وجوه ثلاثة ـ كما تقدم ـ وجعل أول وجهي الوجه الثاني من كلام الشيخ (قده) وجهاً ثالثاً لكلام نفسه ، والوجه الثاني منهما وجهاً ثانياً لكلامه ، فلاحظ.
__________________
(*) وزاد في حاشية الرسائل تقريباً رابعاً للاستدلال بالآية ، فقال : «انه ـ أي إيجاب الإنذار ـ مستلزم له ـ أي لوجوب الحذر ـ عرفاً وان لم يكن بينهما لزوم لا عقلا ولا شرعاً» ثم ناقش فيه بقوله : «ان الاستلزام عرفاً انما هو بين إيجاب إظهار الواقع والإنذار به وبين لزوم قبوله على تقدير إحرازه لا تعبداً ، وهذا واضح لا سترة عليه».
أقول : لو تم الاستدلال بالآية الشريفة اقتضى ذلك حجية قول المنذر ـ بالكسر ـ والبناء على أنه هو الواقع في ظرف الشك.
وبعبارة أخرى : تدل الآية الشريفة على أن ما ينذر به النافر هو الواقع تعبداً ، فيجب القبول ، فلا يلزم أن يكون التمسك بها مع عدم إحراز كون ما ينذر به هو الواقع تشبثاً بالعامّ في الشبهة المصداقية.
هذا ، لكن الكلام كله في صحة الاستدلال بالآية الشريفة ، لقوة احتمال أن يراد بالإنذار الاعلام بما تفقهوا فيه وتعلموه من الأحكام ، فيكون الإنذار اخباراً بالاحكام المعلومة لهم ، فالمستفاد من هذه الآية المباركة وجوب تعليم النافرين وإرشادهم للجاهلين إلى معالم الدين ، والتعليم يوجب علم المتعلم ، فكأنه قيل : «ليعلموا قومهم إذا رجعوا إليهم» فالحذر حينئذ عبارة عن العمل الناشئ عن العلم ، لا مجرد العمل ولو تعبداً ، نظير الأمر بسؤال أهل العلم ، وسؤال الأعرابي عن الطريق مثلا ، و «أن لكل داء دواء ودواء الجهل السؤال» فان السؤال انما هو لتحصيل العلم ، وكذلك الدواء ، فانه رافع للمرض ، فالسؤال دواء رافع