وعن عمرو بن العاص قال : لما جعل الله الإسلام فى قلبى : أتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقلت : يا رسول الله ابسط يدك فلأبايعك ، فبسط ، فقبضت يدى ، فقال : «ما لك يا عمرو؟» قلت : أشترط ، قال : «تشترط ماذا»؟ قلت : أن يغفر الله لى ، قال :«أما علمت أن الإسلام يهدم ما قبله ، وأن الهجرة تهدم ما قبلها ، وأن الحج يهدم ما قبله» (١).
واختصاصه بوفد الله تعالى. قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الحجاج والعمار وفد الله وزواره» (٢).
ويحكى عن أبى سهل بن يوسف أنه قال : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى المنام ، فقلت : يا رسول الله استغفر لى. فقال : «أحججت؟» قلت : نعم ، قال : «وحلقت رأسك بمنى؟» قلت : نعم ، قال : «رأس حلق بمنى لا تمسه النار».
وعن بلال بن رباح أن النبى صلىاللهعليهوسلم قال له بمزدلفة : «يا بلال أسكت الناس ـ أو قال : أنصت الناس ـ ثم قال : «إن الله تعالى تطوّل عليكم فى جمعكم هذا ؛ فوهب مسيئكم لمحسنكم ، وأعطى لمحسنكم ما سأل ، ادفعوا باسم الله» (٣).
وعن العباس بن مرداس السلمى ، أن النبى صلىاللهعليهوسلم دعا لأمته عشية عرفة بالمغفرة فأجيب : أنى قد غفرت لهم ما خلا ظلم بعضهم بعضا ؛ فإنى آخذ للمظلوم من الظالم. فقال النبى صلىاللهعليهوسلم : «أى رب إنك لقادر على أن تغفر للظالم وتعوض المظلوم من عندك خيرا من مظلمته» فلم يجب صلىاللهعليهوسلم إلى ذلك فى تلك العشية. فلما كان من الغد ، وقف صلىاللهعليهوسلم عند المشعر الحرام وأعاد الدعاء لهم وتضرع إلى الله تعالى فى أن يتحمل عنهم المظالم والتبعات ، فلم يلبث صلىاللهعليهوسلم أن تبسم فقال له أصحابه : مم ضحكت أضحك الله سنك يا رسول الله؟ فقال : «إن عدو الله إبليس لما علم أن الله تعالى قد استجاب دعائى فى أمتى وغفر لهم المظالم فذهب يدعو بالويل والثبور
__________________
(١) أخرجه : مسلم فى حديث طويل ذكره عمرو بن العاص عند ما حضره الموت (كتاب الإيمان : باب كون الإسلام يهدم ما قبله) ١ / ٧٨.
(٢) أخرجه : ابن حبان فى موارد الظمآن (ص : ٢٤).
(٣) أخرجه : ابن ماجه (٣٠٢٤) ، وعزاه المحب الطبرى فى «القرى» لابن المبارك والمنذرى فى الترغيب بصيغة تشير إلى الضعف.