الفصل التاسع
فى ذكر هبوط آدم عليهالسلام إلى الأرض وبنائه الكعبة وحجه وطوافه بالبيت
اختلف فى المكان الذى أهبط فيه آدم (١) ، فقيل : أهبط بالهند وحواء بجدة.
وقيل : أهبط بسرنديب (٢).
وقيل : أهبط آدم وحواء على جبل بالهند اسمه واسم.
وقيل : آدم بسرنديب. وحواء بجدة ، وإبليس بالأبلة موضع بالبصرة ، والحيّة بأصفهان. كذا فى الكواشى فى تفسير القرآن عن ابن عباس رضى الله عنهما قال : لما أهبط الله تعالى آدم عليهالسلام إلى الأرض من الجنة كان رأسه فى السماء ورجلاه فى الأرض ، وهو مثل الفلك (٣) من رعدته.
قال : فطأطأ الله ـ تعالى ـ منه إلى ستين ذراعا ، فقال : يا رب ، ما لى لا أسمع أصوات ملائكتك ولا حسهم؟ قال الله تعالى : خطيئتك يا آدم ، ولكن اذهب فابن لى بيتا وطف به واذكرنى حوله كنحو ما رأيت الملائكة تصنع حول عرشى. قال : فأقبل آدم ـ عليهالسلام ـ يتخطا ، فطويت له الأرض ، وقبضت له المفازة ، فصار كل مفازة يمر بها خطوة ، وقبض له ما كان من مخاض أو بحر ، فجعل له خطوة ، ولم يقع قدمه فى شىء من الأرض إلا صار عمرانا وبركة ، حتى انتهى إلى مكة ، فبنى البيت الحرام ، وإن جبريل ـ عليهالسلام ـ ضرب بجناحه الأرض ، فأبرز عن أسّ ثابت فى الأرض السفلى ، فقذفت فيه الملائكة الصخار كل صخرة منها ما تطيق ثلاثون رجلا ، وإنه بناه من خمسة أجبل : من لبنان ، وطور زينا ،
__________________
(١) ينظر عن ذلك : أخبار مكة للأزرقى ١ / ٣٥.
(٢) سرنديب : هى جزيرة سيلان حاليا.
(٣) الفلك : قيل : موج البحر المضطرب ، وقيل : أراد فلكة المغزل حال دورانها (سبل الهدى والرشاد ١ / ١٧٢).