ويحثو على رأسه التراب ، فأضحكنى ما رأيت من جزعه». أخرجه ابن ماجه (١).
وعن عائشة رضى الله عنها ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة» رواه مسلم (٢).
ويحكى عن على بن الموفق أنه قال : حججت فى بعض السنين فنمت ليلة عرفة فى مسجد الخيف ، فرأيت فى المنام كأن ملكين نزلا من السماء فنادى أحدهما لصاحبه : يا عبد الله. فقال : لبيك يا عبد الله ، قال : أتدرى كم حج بيت ربنا فى هذه السنة؟ قال : لا ، قال : حجه ستمائة ألف نفر ، ثم قال : أفتدرى كم قبل منهم؟ قال : لا ، قال : ستة أنفس ، قال : ثم ارتفعا فى الهواء وغابا عنى ، فانتبهت فزعا مرعوبا ، وأغتممت غمّا شديدا ، وأهمنى أمرى ، وقلت إذا لم يكن المقبولون غير ستة أنفس ، فأين أكون أنا فى ستة أنفس! فلما أفضت من عرفات وبت عند المشعر الحرام وجعلت أفكر فى كثرة الخلق وقلة من قبل منهم ، فغلبنى النوم ، فإذا أنا بالملكين قد نزلا بعينهما ، فأعاد المتكلم منهما فى الليلة الماضية حديثه بجملته ، ثم قال بعد ذلك لصاحبه : أفتدرى ماذا حكم ربنا فى هذه الليلة؟ قال : لا ، قال : فإنه وهب لكل واحد من الستة الأنفس مائة ألف ، فقبل الجميع ببركتهم ، قال : فانتبهت وبى من السرور فى الجنان ما يجلّ عن الوصف والبيان باللسان!! (٣).
ومنها : ما يتفضل الله تعالى فى حق عباده وهو أعظم من ذلك كله نعمة وأعم منه تفضلا ، ما روى : أن النبى صلىاللهعليهوسلم قال : «الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» (٤).
فأكرم بعباده لم يقتصر فى ثوابه على ذكر تكفير الذنوب ولم يرض فى جزائها إلا بإنالة المرام الأعظم ، وبلوغ عين المطلوب وهو الجنة.
__________________
(١) أخرجه : ابن ماجه (٣٠١٣) ، أحمد فى المسند ٤ / ١٥ ، وفى سنده عبد الله بن كنانه ، قال عنه البخارى : لم يصح حديثه.
(٢) أخرجه : مسلم ٤ / ١٠٧ ، النسائى ٥ / ٢٥١.
(٣) مثير الغرام الساكن (ص : ٣٦٦).
(٤) أخرجه : البخارى (١١٧٣) ، مسلم ٤ / ١٠٧ ، الترمذى (٩٣٣) ، أحمد فى المسند ٢ / ٢٤٦ ، ابن ماجه (٢٨٨٨) ، البيهقى فى السنن ٥ / ٢٦١ ، النسائى (٢٦٢١) ، البيهقى فى الشعب (٤٠٩١) ، مالك فى الموطأ ٢ / ٢٦٨ ، عبد الرزاق فى مصنفه (٨٧٩٨) ، ابن خزيمة (٣٠٧٢) ، الحميدى (١٠٠٢).