الفصل الثانى والأربعون
فى ذكر تاريخ الكعبة الشريفة على وجه الاختصار
اعلم وفقنا الله تعالى وإياك بالخير والطاعة أن العلماء أجمعوا على أن الكعبة أول بيت وضع للعبادة ولكن اختلفوا : هل هو أول بيت مطلقا أم لا؟ فقيل : كانت قبله بيوت. والمنقول عن جمهور العلماء أنه أول بيت وضع للعبادة مطلقا (١).
وعن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ أن النبى صلىاللهعليهوسلم قال : «البيت المعمور الذى فى السماء يقال له الضراح ، وهو على البيت الحرام ، لو سقط عليه لغمره ، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لم يروه قط ، وإن له فى السماء السابعة حرما على قدر حرم هذا». رواه عبد الرزاق (٢).
ويروى : أنه كان قبل هبوط آدم ياقوتة من يواقيت الجنة ، وكان له بابان من زمرد أخضر ، شرقى وغربى ، وفيه قناديل من قناديل الجنة (٣).
وعن أبى ذر ـ رضى الله عنه ـ قال : قلت : يا رسول الله أى مسجد وضع فى الأرض أوّلا؟ قال : «المسجد الحرام» ، قلت : ثم أى؟ قال : «المسجد الأقصى» ، قلت : كم بينهما؟ قال : «أربعون سنة» ـ متفق عليه واللفظ لمسلم.
ويروى : أن ذو القرنين قدم مكة وإبراهيم وإسماعيل يبنيان الكعبة ، فقال : ما
__________________
(١) ينظر فى ذلك : القرى (ص : ٣٣٨) ، سبل الهدى والرشاد ١ / ١٦٤.
(٢) أخرجه : عبد الرزاق فى مصنفه (٨٨٧٤) مرسلا عن كريب ، والبيهقى فى الشعب (٣٩٩٧) موقوفا ، والديلمى فى الفردوس (٢٠٤٩) ، والأزرقى فى أخبار مكة ١ / ٤٩.
وسمى الضراح : لأنه ضرح عن الأرض زمن الطوفان.
وقيل : من المضارحة ؛ وهى المقابلة (النهاية ٣ / ٨١).
(٣) أخرجه : الأزرقى موقوفا على أبى هريرة ١ / ٤٣ ، ابن الجوزى فى العلل (٩٣٧) ، السيوطى فى الدر المنثور ١ / ٢٤٥ ، وعزاه إلى الجندى ، الديلمى (٤٨٥١). وفيه : محمد بن زياد اليشكرى الجزرى صاحب ميمون بن مهران الفأفأ. قال عنه الدارقطنى : كذاب ، وقال الترمذى : ضعيف جدّا ، وقال النسائى : متروك الحديث.