بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذى فضل الكعبة البيت الحرام فى الأرض على البنيان ، كما فضل فى السماء عرشه المجيد الثابت الأركان ، وفضل الطائفين حولهما من الملائكة والإنس والجان ؛ كما أخبر النبى صلىاللهعليهوسلم سيد بنى عدنان.
وأكرم سكان السماء على الله تعالى : الذين يطوفون حول عرشه ، وفى الأرض : الذين يطوفون حول بيت الرحمن.
وفرض الله ـ تعالى ـ حج بيته على عباده المستطيعين ؛ لقوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)(١) ؛ من استطاع فحج فله الأمان ، ومن لم يحج فكفر فجزاؤه الجحيم والنيران.
وهو فرض فى العمر مرة واحدة تخفيفا عليهم وإشفاقا وامتنان. ومن زاد فتطوع محسوب له عند الملك الديّان. وجزاؤه الحور والقصور والغلمان فى دار الجنان ؛ لقوله تعالى : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ)(٢).
قال القاضى أبو الفضل العياض بن موسى اليحصبى (٣) : حدّثت أن من حج حجة واحدة فقد أدى فرضه ، ومن حج حجة ثانية داين ربه ، ومن حج حجة ثالثة حرّم الله شعره وبشره على النيران (٤). يعنى يوم تحرق فيها الأبدان.
وقال النبى صلىاللهعليهوسلم الأمى القرشى العظيم الشأن : «يقول الله تعالى : إن من
__________________
(١) سورة آل عمران : آية ٧٩.
(٢) سورة الرحمن : آية ٦٠.
(٣) هو : عياض بن موسى بن عياض اليحصبى السبتى ، عالم المغرب وفقيهها ، صاحب : الشفاء ، والإلماع ، وغيرها.
(٤) هداية السالك ١ / ٢٠.