وتخالُه في القفرِ جنّا طائراً |
|
ما كلُّ جنٍّ مثله طيّارُ |
وإذا أتى للحوض لم يخلع له |
|
في الماء من قبل الورود عذارُ |
وتراه يحرسُ رجلَهُ من زلّةٍ |
|
برشاشِها يتنجّسُ الحضّارُ |
ويلينُ في وقتِ المضيقِ فيلتوي |
|
فكأنَّما بيديك منه سوارُ |
ويشيرُ في وقتِ الزحامِ برأسِهِ |
|
حتى يحيدَ أمامه النظّارُ |
لم أدرِ عيباً فيه إلاّ أنَّه |
|
مع ذا الذكاءِ يقال عنه حمارُ |
ولقد تحامتْهُ الكلابُ وأحجمتْ |
|
عنه وفيه كلُّ ما تختارُ |
راعت لصاحبه عهوداً قد مضت |
|
لمّا علمن بأنَّه جزّارُ |
وقال في موت حمار صديق له :
مات حمارُ الأديبِ قلتُ لهمْ |
|
مضى وقد فات منه ما فاتا |
من مات في عزِّه استراح ومن |
|
خلّف مثل الأديب ما ماتا |
وله قوله :
لا تَعِبْني بصنعةِ القصّابِ |
|
فهي أذكى من عنبر الآدابِ |
كان فضلي على الكلاب فمذ صر |
|
تُ أديباً رجوت فضل الكلابِ |
كان كمال الدين عمر بن أحمد بن العديم (١) إذا قدم مصر يلازمه أبو الحسين الجزّار ، فقال بعض أهل عصره حسداً عليه :
يا ابن العديم عدمت كلّ فضيلةٍ |
|
وغدوت تحمل راية الإدبارِ |
ما إن رأيتُ ولا سمعتُ بمثلِها |
|
نفسٌ تلذُّ بصحبة الجزّارِ |
__________________
(١) أبو القاسم الوزير الرئيس الكبير الحلبي الحنفي ، سمع الحديث وحدّث وتفقّه وأفتى ودرس وصنّف ، ولد سنة (٥٨٦) وتوفّي (٦٦٠). (المؤلف)