يستخلف عبد الله بن عمر لجهله بمسألة واحدة؟ وكان أكثر علماً من أبيه ، ولم يكن عمر يرى الخليفة إلاّ خازنا وقاسماً غير مفتقر إلى أيّ علم ، كما صحّ عنه في خطبة له من قوله :
أيّها الناس : من أراد أن يسأل عن القرآن فليأتِ أُبيّ بن كعب ، ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأتِ زيد بن ثابت ، ومن أراد أن يسأل عن الفقه فليأتِ معاذ ابن جبل ، ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني ، فإنّ الله جعلني خازناً وقاسماً (١).
١١ ـ وما عن ابن عمر أنّه قال لعمر : إنّ الناس يتحدّثون أنّك غير مستخلف ، ولو كان لك راعي إبل أو راعي غنم ثمّ جاء وترك رعيّته رأيت أن قد فرّط ، ورعية الناس أشدّ من رعية الإبل والغنم ، ما ذا تقول لله عزّ وجلّ إذا لقيته ولم تستخلف على عباده؟
قال : فأصابه كآبة ، ثمّ نكس رأسه طويلاً ، ثمّ رفع رأسه وقال : إنّ الله تعالى حافظ الدين ، وأيّ ذلك أفعل فقد سُنّ لي. إن لم استخلف فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يستخلف ، وإن أستخلف فقد استخلف أبو بكر. قال عبد الله : فعرفت أنّه غير مستخلف.
أخرجه أبو نعيم في الحلية (١ / ٤٤) ، وابن السمّان في الموافقة كما في الرياض النضرة (٢) (٢ / ٧٤) ، وأخرجه مسلم في الصحيح (٣) عن إسحاق بن إبراهيم وغيره عن عبد الرزّاق ، والبخاري من وجه آخر عن معمر كما في سنن البيهقي (٨ / ١٤٩) ، وفي لفظة : قلتُ له : إنّي سمعتُ الناس يقولون مقالةً فآليت أن أقولها لك ، زعموا أنّك غير مستخلف ، وقد علمت أنّه لو كان لك راعي غنم فجاءك وقد ترك رعايته رأيت أن
__________________
(١) يأتي الكلام حول هذه الخطبة وصحّتها في الجزء السادس. (المؤلف)
(٢) الرياض النضرة : ٢ / ٣٥٣.
(٣) صحيح مسلم : ٤ / ١٠٢ ح ١١ ، ١٢ كتاب الإمارة.