قد ضيّع ، فرعاية الناس أشدّ. قال : فوافقه قولي ، فأطرق مليّا ، ثمّ رفع رأسه فقال : إنّ الله يحفظ دينه وإن لا أستخلف ، فإنّ رسول الله لم يستخلف ، وإن أستخلف فإنّ أبا بكر قد استخلف. الحديث. وبهذا اللفظ ذكره ابن الجوزي في سيرة عمر (١) (ص ١٩٠).
١٢ ـ وما أخرجه أبو زرعة في كتاب العلل ، عن ابن عمر قال : لمّا طُعن عمر قلت : يا أمير المؤمنين لو اجتهدت بنفسك وأمّرت عليهم رجلاً؟ قال : أقعدوني ، قال عبد الله : فتمنّيت لو أنّ بيني وبينه عرض المدينة فرقاً منه حين قال : أقعدوني ، ثمّ قال : والذي نفسي بيده لأردّنها إلى الذي دفعها إليّ أوّل مرّة. الرياض النضرة (٢) (٢ / ٧٤).
١٣ ـ وما روى ابن قتيبة في الإمامة والسياسة (٣) (ص ٢٢) من أنّ عمر لمّا أحسّ بالموت ، قال لابنه عبد الله : اذهب إلى عائشة وأقرئها منّي السلام واستأذنها أن أقبر في بيتها مع رسول الله ومع أبي بكر ، فأتاها عبد الله فأعلمها ، فقالت : نعم وكرامة ، ثمّ قالت : يا بُنيّ أبلغ عمر سلامي وقل له : لا تدع أُمة محمد بلا راعٍ ، استخلف عليهم ولا تدعهم بعدك هملاً ، فإنّي أخشى عليهم الفتنة ؛ فأتى عبد الله فأعلمه ، فقال : ومن تأمرني أن أستخلف؟ لو أدركت أبا عبيدة بن الجرّاح باقياً استخلفته وولّيته ، فإذا قدمت على ربّي فسألني وقال لي : من ولّيت على أمّة محمد؟ قلت : أي ربّ ، سمعت عبدك ونبيّك يقول : لكلّ أمّة أمين وأمين هذه الأمّة أبو عبيدة ابن الجرّاح ؛ ولو أدركت معاذ بن جبل استخلفته ، فإذا قدمت على ربّي فسألني : من ولّيت على أمّة محمد؟ قلت : أي ربّ ، سمعت عبدك ونبيّك يقول : إنّ معاذ بن جبل يأتي بين يدي العلماء يوم القيامة ، ولو أدركت خالد بن الوليد لولّيته ، فإذا قدمت
__________________
(١) تاريخ عمر بن الخطّاب : ص ١٩٥.
(٢) الرياض النضرة : ٢ / ٣٥٤.
(٣) الإمامة والسياسة : ١ / ٢٨.