ابن الجرّاح حيّا استخلفته ، فإن سألني ربّي قلت : سمعت نبيّك يقول : إنّه أمين هذه الأمّة ، ولو كان سالم مولى أبي حذيفة حيّا استخلفته ، فإن سألني ربّي قلت : سمعت نبيّك يقول : إنّ سالماً شديد الحبّ لله. فقال له رجل : أدلّك عليه ، عبد الله بن عمر ، فقال : قاتلك الله والله ما أردت الله بهذا ، ويحك! كيف أستخلف رجلاً عجز عن طلاق امرأته؟ لا إرب لنا في أُموركم ، ما حمدتها فأرغب فيها لأحد من أهل بيتي ، إن كان خيراً فقد أصبنا منه ، وإن كان شرّا فشرٌّ عنا إلى عمر ، بحسب آل عمر أن يُحاسب منهم رجل واحد ويُسأل عن أمر أُمّة محمد ، لقد جهدت نفسي وحرمت أهلي ، وإن نجوت كفافاً لا وزر ولا أجر إنّي لسعيد ، وأنظر فإن استخلفت ، فقد استخلف من هو خير منّي ، وإن أترك ، فقد ترك من هو خير منّي ، ولن يضيّع الله دينه.
فخرجوا ، ثمّ راحوا فقالوا : يا أمير المؤمنين ، لو عهدت عهداً؟ فقال : قد كنت أجمعت بعد مقالتي لكم أن أنظر فأُولّي رجلاً أمركم هو أحراكم أن يحملكم على الحقّ ـ وأشار إلى عليٍّ ـ ورهقتني غشية ، فرأيت رجلاً دخل جنّة قد غرسها فجعل يقطف كلّ غضّة ويانعة فيضمّه إليه ويصيّره تحته ، فعلمت أنّ الله غالب أمره ، ومُتوفٍّ عمر ، فما أُريد أن أتحمّلها حيّا وميّتاً ، عليكم هؤلاء الرهط. الحديث.
وذكره ابن عبد ربّه في العقد الفريد (١) (٢ / ٢٥٦).
ليتني أدري وقومي كيف تطلب الصحابة من عمر الاستخلاف وتصفح عن تلكم النصوص الجمّة؟ وكيف يخالفها عمر ويرى أبا عبيدة وسالماً أهلاً للخلافة ويتمنى حياتهما؟ ثمّ يجعلها شورى ، ثم كيف يرى الحديثين في فضل الرجلين حجّةً لاستخلافهما ، ولم يرَ ما ورد في الكتاب والسنّة من أُلوف المناقب في عليّ عليهالسلام عذراً عند ربّه إن سُئِلَ عن استخلافه؟ وكيف لم يجد من نطق القرآن بعصمته ، ونزلت فيه آية التطهير ، وعدّه الكتاب نفس النبيّ الأقدس أهلاً للاستخلاف؟ وما باله لم
__________________
(١) العقد الفريد : ٤ / ٩٧.