قال الأميني : تعساً لأمّة تروي مثل هذه المخازي ولم تندمنها جبهتها حياءً ، أليس عاراً على الإسلام وأهله أن يُجعل معاوية الخؤون لدة نبيّه وأُمناء الله المعصومين في الأمانة؟!
٢٢ ـ عن واثلة مرفوعاً : إنّ الله ائتمن على وحيه جبريل وأنا ومعاوية ، وكاد أن يبعث معاوية نبيّا من كثرة علمه وائتمانه على كلام ربّي ، يغفر الله لمعاوية ذنوبه ، ووقاه حسابه ، وعلّمه كتابه ، وجعله هادياً مهديّا وهدى به. أخرجه ابن عساكر (١) عن رجل.
قال الحاكم : سألت أحمد بن عمير الدمشقي ـ وكان عالماً بحديث الشام ـ عن هذا الحديث فأنكره جدّا ، وحدّث بهذا الحديث عبد الله بن جابر أبو محمد الطرسوسي البزّار وهو ذاهب الحديث ، وقال مرّة : هو منكر الحديث (٢).
قال الأميني : أحسب أنّ رواة السوء أرادوا حطّا من مقام النبوّة لا ترفيعاً لمقام معاوية ، لما نعلمه من البون الشاسع بين مرتبة النبوّة التي يعتقد بها المسلمون وبين متبوَّأ هذا المقعي على أنقاض مستوى الخلافة ، فنسائل القوم عن الذي أوجب له هذا المقام الشامخ : أهو أصله الزاكي تلك الشجرة الملعونة في القرآن ولسان نبيّه؟ أم فرعه الغاشم الظلوم؟! أم دُؤوبه على الكفر إلى ما قبل وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بأشهر قلائل؟ أم محاربته خليفة وقته المفترضة طاعته عليه ، وقد بايعه أهل الحلِّ والعقد ورضي به المسلمون ، فشهر السيف أمامه ، وأراق الدماء المحرّمة؟ أم بوائقه أيّام استحواذه على الملك ، من قتل الأبرياء الأخيار كحجر بن عديّ وأصحابه ، وقتل عمرو بن حمق
__________________
(١) مختصر تاريخ دمشق : ٢٥ / ٦ ، وأورده السيوطي مسنداً في لآليه : ١ / ٤١٩.
(٢) تاريخ ابن عساكر : ٧ / ٣٢٢ [٢٧ / ٢٣٥ رقم ٣٢١٤ والعبارة إنما هي لحديث : الأمناء عند الله ثلاثة ... المذكور في رقم ١٨ ، وقد ذكره السيوطي في لآلئه : ١ / ٤١٧ عن ابن عساكر الذي أخرجه من طريق الحاكم]. (المؤلف)