حسبةً كما زعموا ؛ يدعون الناس إلى فضائل الأعمال ، كما روي عن أبي عصمة نوح ابن أبي مريم المروزي ، ومحمد بن عكاشة الكرماني ، وأحمد بن عبد الله الجويباري ، وغيرهم. قيل لأبي عصمة : من أين لك عن عكرمة عن ابن عبّاس في فضل سور القرآن سورةً سورةً؟ فقال : إنّي رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمد بن إسحاق ، فوضعت هذا الحديث حسبة.
وقال في (ص ١٥٦) : قد ذكر الحاكم وغيره من شيوخ المحدّثين أنّ رجلاً من الزهّاد انتدب في وضع أحاديث في فضل القرآن وسوره ، فقيل له : لِمَ فعلتَ هذا؟ فقال : رأيت الناس زهدوا في القرآن فأحببت أن أُرغِّبهم فيه ، فقيل : فإنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «من كذب عليّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار» ،فقال : أنا ما كذبت عليه إنّما كذبتُ له (١).
وقال في التحذير من الموضوعات : وأعظمهم ضرراً قوم منسوبون إلى الزهد وضعوا الحديث حسبةً فيما زعموا ، فتقبّل الناس موضوعاتهم ثقةً منهم بهم وركوناً إليهم ، فضلّوا وأضلّوا.
وسمعت في (ص ٢٦٨) قول ميسرة بن عبد ربّه ، لمّا قيل له : من أين جئتَ بهذه الأحاديث؟ قال : وضعتها أرغّب الناس فيها ، وقوله : إنّي أحتسب في ذلك. وقال الحاكم : كان الحسن ـ الراوي عن المسيّب بن واضح ـ ممّن يضع الحديث حسبةً. لسان الميزان (٢) (٥ / ٢٨٨) ، وكان نعيم بن حمّاد يضع الحديث في تقوية السنّة ، راجع (ص ٢٦٩)
فكأنّ الكذب والإفك وقول الزور ليست من الفواحش ، ولم تكن فيها أيّ
__________________
(١) أنظر إلى فقه الحديث وأعجب ، (فَمَا لِهؤلاءِ القَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً). (المؤلف)
(٢) لسان الميزان : ٥ / ٣٢٦ رقم ٧٧٦٨.