ويرى آونة أنَّ طبع عمل مثله ، مبنيٍّ على المسارعة والاستعجال ، يستدعي أن يكون عريّا عن الخضوع ، نقراً كنقر الغراب ، فلا يكون فيه كثير جدوى. ثمّ ختم كلامه بقوله : ثمّ إحياء الليل بالتهجّد وقراءة القرآن في ركعةٍ هو ثابت عن عثمان رضى الله عنه ، فتهجّده وتلاوته القرآن أظهر من غيره (١).
الجواب : أمّا حسبان كراهة ذلك العمل ومخالفة السنّة النبويّة وخروجه بذلك عن الفضيلة ، فيعرب عن جهله المطبق بشؤون العبادات وفقه السنّة ، وتمويهه على الحقائق الراهنة جهلاً أو عناداً ، فإنّ صلاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ثلاث عشرة ركعة ، وكذلك صلاة نهاره ، إنَّما هي صلاة الليل والشفع والوتر ونافلة الصبح ونافلة الصلوات اليومية ، كما فُصّل في غير واحد من الأخبار ، وهي النوافل المرتَّبة المعيّنة في الليل والنهار ، لا ترتبط باستحباب مطلق الصلاة ومطلوبيّة نفسها ، ولا تنافي ما صحَّ عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم من قوله : «الصلاة خير موضوع ، استكثر أو استقل» (٢).
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الصلاة خير موضوع ، فمن استطاع أن يستكثر فليستكثر» (٣).
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الصلاة خير موضوع ، من شاء أقلّ ، ومن شاء أكثر» (٤).
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «يا أنس أكثر الصلاة بالليل والنهار تحفظك حفظتك» (٥).
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لأنس في حديث طويل : «إن استطعتَ أن لا تزال تصلّي فإنَ
__________________
(١) راجع منهاج السنّة : ٢ / ١١٩. (المؤلف)
(٢) أخرجه الحافظ أبو نعيم في الحلية : ١ / ١٦٦ بستّة طرق. (المؤلف)
(٣) أخرجه الطبراني في الأوسط [١ / ١٨٣ ح ٢٤٥] كما في الترغيب والترهيب : ١ / ١٠٩ [١ / ٢٥٠ ح ٩] ، وكشف الخفاء : ٢ / ٣٠ [ح ١٦١٦]. (المؤلف)
(٤) مستدرك الحاكم : ٢ / ٥٩٧ [٢ / ٦٥٣ ح ٤١٦٦] ، مجمع الزوائد : ١ / ١٦٠ ، كشف الخفاء للعجلوني : ٢ / ٣٠ [ح ١٦١٦] وقال : رواه الطبراني وأحمد وابن حبّان والحاكم وصحّحه عن أبي ذرّ. (المؤلف)
(٥) تاريخ ابن عساكر : ٣ / ١٤٢ [٩ / ٣٤٤ رقم ٨٢٩ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ٥ / ٦٧]. (المؤلف)