فإنَ الميّت كالحاضر يُرجى له الرحمة والبركة ، والدعاء عقيب القراءة أقرب إلى الإجابة.
٣ ـ قال الشيخ زين الدين ، الشهير بابن نجيم المصري الحنفي المتوفّى (٩٦٩ ـ ٩٧٠) في البحر الرائق شرح كنز الدقائق للإمام النسفي (٢ / ١٩٥) ، قال في البدائع : ولا بأس بزيارة القبور والدعاء للأموات إن كانوا مؤمنين ، من غير وطء القبور ؛ لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّي كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها» ، ولعمل الأُمّة من لدن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى يومنا هذا.
وصرّح في المجتنى بأنّها مندوبة ، وقيل : تحرم على النساء ، والأصحُّ أنَّ الرخصة ثابتة لهما. وكان صلىاللهعليهوآلهوسلم يعلّم السلام على الموتى : «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين». ذكره إلى آخره ، ثمّ ذكر قراءة القرآن عند القبور ، وشيئاً من أدب الزيارة.
٤ ـ أجاب ابن حجر المكّي الهيتمي : المتوفّى (٩٧٣) (١) في الفتاوى الكبرى الفقهيّة (٢ / ٢٤) لمّا سُئل رضى الله عنه عن زيارة قبور الأولياء في زمن معيّن مع الرحلة إليها ، هل يجوز مع أنَّه يجتمع عند تلك القبور مفاسد كثيرة كاختلاط النساء بالرجال ، وإسراج السرج الكثيرة وغير ذلك؟ بقوله : زيارة قبور الأولياء قربة مستحبّة ، وكذا الرحلة إليها ، وقول الشيخ أبي محمد : لا تستحبُّ الرحلة إلاّ لزيارته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ردّه الغزالي : بأنّه قاس ذلك على منع الرحلة لغير المساجد الثلاثة مع وضوح الفرق ، فإنَّ ما عدا تلك المساجد الثلاثة مستوية في الفضل فلا فائدة في الرحلة إليها ، وأمّا الأولياء فإنّهم متفاوتون في القرب من الله تعالى ونفع الزائرين بحسب معارفهم وأسرارهم ، فكان للرحلة إليهم فائدة أيّ فائدة ، فمن ثمّ سنّت الرحلة إليهم للرجال فقط بقصد ذلك ، وانعقد نذرها كما بسطت الكلام على ذلك في شرح العباب بما لا مزيد على حسنه وتحريره ، وما أشار إليه السائل من تلك البدع أو المحرّمات ، فالقربات لا تُترك لمثل
__________________
(١) مرت الإشارة في الصحيفة ١٧٨ أنّ وفاته سنة (٩٧٤).