النظاميّة ـ مجلس أبي الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي بباب بدر ، فتاب وتواجد وخرق ثيابه وكشف رأسه ، وقام وأشهد الواعظ والجماعة على أنَّه قد أعتق جميع ما يملكه من رقيق ، ووقف أملاكه ، وخرج [من] ما يملكه ، فكتب إليه النقيب الطاهر أبو عبد الله الحسين ابن الأقساسي أبياتاً طويلة ، يقول فيها (١) :
يا ابن نظام الملك يا خير من |
|
تاب ومن لاقى به الزهدُ |
يا ابن وزير الدولتين الذي |
|
يروحُ للمجدِ كما يغدو |
يا ابن الذي أنشأ من مالِهِ |
|
مدرسةً طالعها سعدُ |
قد سرّني زهدك عن كلّ ما |
|
يرغب فيه الحرُّ والعبدُ |
بان لك الحقُّ وأبصرتَ ما |
|
أعينُنا عن مثلِهِ رُمدُ |
وقلت للدنيا إليكِ ارجعي |
|
ما عن نزوعي عنك لي بُدُّ |
ما لذَّ لي بعدك حتى استوى |
|
في فيَّ منكِ الصابُ والشهدُ |
شيمتُكِ الغدر كما شيمتي |
|
حسنُ الوفاءِ المحضِ والودُّ |
إلى أن قال :
لا يقصدُ الناسُ إلى دورِهمْ |
|
لكن إلى منزلِكَ القصدُ |
وخدمةُ الناسِ لها حرمةٌ |
|
وكان ما تفعلُه يبدو |
والناسُ قد كانوا رقوداً وقد |
|
أيقظتَهمْ فانتبه الضدُّ |
وقسّمت فيك ظنونُ الورى |
|
وكلّهم للقولِ يعتدُّ |
فبعضهم قال يدوم الفتى |
|
وبعضُهمْ قد قال يرتدُّ |
وقد أتى تشرينُ وهو الذي |
|
إليه عينُ العيش تمتدُّ |
ما يسكن البيت وقد جاءه |
|
إلاّ مريضٌ مسَّه الجهدُ |
وكلّ ما يفعلُه حيلةٌ |
|
منه ونصبٌ ما له حدُّ |
__________________
(١) الحوادث الجامعة : ص ١٢٤ [ص ٦٦ حوادث سنة ٦٣٧ ه]. (المؤلف)