ومغفرة ذنوبه ، ويستغيث بهم ، ويطلب حوائجه منهم ، ويجزم بالإجابة ببركتهم ويقوّي حسن ظنّه في ذلك ، فإنَّهم باب الله المفتوح ، وجرت سنّته سبحانه وتعالى بقضاء الحوائج على أيديهم وبسببهم ، ومن عجز عن الوصول فليرسل بالسلام عليهم ، ويذكر ما يحتاج إليه من حوائجه ومغفرة ذنوبه وستر عيوبه إلى غير ذلك ؛ فإنَّهم السادة الكرام ، والكرام لا يردُّون من سألهم ولا من توسّل بهم ولا من قصدهم ولا من لجأ إليهم.
هذا الكلام في زيارة الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام عموماً. ثمّ قال :
فصل : وأمّا في زيارة سيّد الأوّلين والآخرين ـ صلوات الله عليه وسلامه ـ فكلُّ ما ذكر يزيد عليه أضعافه أعني في الانكسار والذلّ والمسكنة ؛ لأنَّه الشافع المشفَّع الذي لا تردُّ شفاعته ، ولا يخيب من قصده ، ولا من نزل بساحته ، ولا من استعان أو استغاث به ، إذ إنّه ـ عليه الصلاة والسلام ـ قطب دائرة الكمال وعروس المملكة ـ إلى أن قال ـ :
فمن توسّل به ، أو استغاث به ، أو طلب حوائجه منه ، فلا يردُّ ولا يخيب لما شهدت به المعاينة والآثار ، ويحتاج إلى الأدب الكلّي في زيارته عليه الصلاة والسلام ، وقد قال علماؤنا رحمة الله عليهم : إنَّ الزائر يشعر نفسه بأنَّه واقف بين يديه عليه الصلاة والسلام كما هو في حياته ، إذا لا فرق بين موته وحياته ـ أعني في مشاهدته لأمّته ومعرفته بأحوالهم ونيّاتهم وعزائمهم وخواطرهم ـ ذلك عنده جليٌّ لا خفاء فيه ـ إلى أن قال ـ :
فالتوسّل به ـ عليه الصلاة والسلام ـ هو محلّ حطّ أحمال الأوزار ، وأثقال الذنوب والخطايا ؛ لأنَّ بركة شفاعته ـ عليه الصلاة والسلام ـ وعظمها عند ربّه لا يتعاظمها ذنب إذ إنّها أعظم من الجميع ، فليستبشر من زاره ، وليلجأ إلى الله تعالى بشفاعة نبيّه ـ عليه الصلاة والسلام ـ من لم يزره ، اللهمّ لا تحرمنا من شفاعته بحرمته