تكفيه رائحة من الفعل [ولكن كان (١)] القسم الثّالث [غير مصون] أي غير محفوظ [عن الحشو (٢)] وهو الزّائد المستغنى عنه [والتّطويل (٣)] وهو الزّيادة على أصل المراد
______________________________________________________
يكون العامل فيها من الأفعال ، بل تكفيه رائحة من الفعل أي ما له أدنى ملابسة بالفعل كالمصدر فإنّه يدل على الحدث ، وهو أحد جزئي مدلول الفعل.
(١) استدراك عن وصف القسم الثّالث بالأوصاف السّابقة ودفع للتوهّم النّاشئ من وصفه بتلك الأوصاف فتوهّم أنّه لمّا كان أعظم ما صنّف نفعا لكونه أحسن ترتيبا وأتمّ تحريرا ... كان مصونا عن الحشو والتّطويل والتّعقيد فدفعه بقوله : «ولكن كان غير مصون عن الحشو والتّطويل والتّعقيد ...»
(٢) أي الحشو عبارة عن اللّفظ الزّائد في الكلام بحيث يستغنى عنه في إفادة أصل المراد. ثمّ الحشو بمعنى الزّائد المستغنى عنه في إفادة أصل المراد على ثلاثة أقسام :
الأوّل : أن يكون متعيّنا كقبله في قوله : أعلم علم اليوم والأمس قبله.
الثّاني : أن يكون غير متعيّن كما في قولك : أجد قوله كذبا ومينا ، فإنّ أحدهما لا على التّعيين زائد لكون كلّ منهما بمعنى واحد. ثمّ كلّ منهما يمكن أن يكون لفائدة أو لا.
والثّالث : كما في قولك : نعم الرّجل زيد ، فإنّ أصل المراد يؤدّى بأن يقال : نعم زيد ، إلّا أنّ في الإتيان بلفظ الرّجل فائدة ، وهي أوقعيّة الحكم في النّفس ، فإنّ الإيضاح بعد الإيهام يورث ذلك.
ثمّ في كلامه «وهو الزّائد المستغنى عنه» حيث لم يقل : الزّيادة المستغنى عنها ، إشعار بأنّ المصدر بمعنى اسم المفعول أي المحشو وهو وصف للقسم الثّالث.
(٣) وفي هذا الكلام أيضا إشعار بأنّ التّطويل بمعنى اسم المفعول أي المطوّل. ثمّ الظّاهر من كلام الشّارح أنّ النّسبة بين الحشو والتّطويل عموم مطلق ، والحشو أعمّ من التّطويل ، فكلّ تطويل حشو ، وبعض الحشو ليس تطويلا ، كما إذا كان الزّائد لفائدة ، وبعبارة أخرى أنّ الحشو مطلق ، والتّطويل مقيّد بكون الزّائد على أصل المراد بلا فائدة.
ومن هنا يظهر فساد ما ذكره بعض المحشّين : من أنّ مقتضى كلامه في المقام أنّ النّسبة بين الحشو والتّطويل هي التّساوي.