فالتّكذيب راجع إلى الشّهادة (١) باعتبار تضمّنها (٢) خبرا كاذبا غير مطابق
للواقع ، وهو أنّ هذه الشّهادة (٣) من صميم القلب وخلوص الاعتقاد بشهادة إنّ
واللّام والجملة الاسميّة (٤) [أو] المعنى إنّهم لكاذبون [في تسميتها] أي في تسمية
هذا الإخبار شهادة ، لأنّ الشّهادة ما يكون على وفق الاعتقاد فقوله : تسميتها مصدر
مضاف إلى المفعول الثّاني ، والأوّل محذوف (٥) [أو] المعنى إنّهم لكاذبون [في
المشهود به (٦)] أعني قولهم :] إنّك لرسول الله [، لكن لا في الواقع ، بل [في
زعمهم] الفاسد (٧)
______________________________________________________
(١) مع أنّها
إنشاء إلّا أنّ التّكذيب راجع إليها باعتبار تضمّنها خبرا.
(٢) أي
الشّهادة.
(٣) وهذا
الكلام بيان لكون الخبر المستفاد ضمنا من الشّهادة غير مطابق للواقع حيث إنّهم
يدّعون أنّ هذه الشّهادة من صميم القلب وخلوص الاعتقاد مع أنّ الأمر ليس كذلك.
(٤) وهو قولهم
: (إِنَّكَ لَرَسُولُ
اللهِ).
(٥) أي في
تسمية هذا الإخبار شهادة.
(٦) هذا الكلام
إشارة إلى الأمر الثّاني وهو الجواب الثّاني عن الاستدلال بالآية على ما ذهب إليه
النّظّام.
وتقريره : إنّا
نسلّم أنّ التّكذيب راجع إلى المشهود به ، ولكنّ المعنى أنّ قولهم : (إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ) كاذب ، لكونه مخالفا للواقع في زعمهم حيث إنّهم كانوا
معتقدين بعدم رسالة النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لا أنّه كاذب من جهة أنّه مخالف للواقع وما في نفس
الأمر حتّى يقال : إنّ هذا غير صحيح ، لأنّ قولهم : (إِنَّكَ لَرَسُولُ
اللهِ) ليس مخالفا للواقع ، بل هو مطابق للواقع.
(٧) حاصل
الكلام في المقام أنّ قولهم : (إِنَّكَ لَرَسُولُ
اللهِ) كاذب لا من جهة كونه غير مطابق لاعتقادهم ، بل من جهة
كونه غير مطابق للواقع بحسب زعمهم واعتقادهم ، حيث إنّهم كانوا يزعمون عدم كون
النّبيّ الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم رسولا من الله سبحانه ، فمعنى قوله تعالى : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) في قولهم : (إِنَّكَ لَرَسُولُ
اللهِ) بحسب عدم مطابقة قولهم للواقع بملاحظة ما عندهم من
الاعتقاد المخالف ، فيكون غير مطابق للواقع باعتقادهم الفاسد ، فيكون كاذبا في
اعتقادهم ، وإن كان صادقا في نفس الأمر.