ورعاية الاعتبارات (١) والبعد (٢) من أسباب الإخلال بالفصاحة (٣) [وتتبعها] أي بلاغة الكلام [وجوه أخر (٤)] سوى المطابقة والفصاحة
______________________________________________________
والأوّل : بأن تكون مقامات وأحوال كلام بالنّسبة إلى شخص أكثر من مقامات وأحوال كلام آخر ، بالإضافة إلى شخص آخر ، كما إذا فرضنا لشخص وجود عشرة أحوال ، ولآخر تسعة أحوال.
والثّاني : بأن يقتضي بعض المقامات تأكيدا واحدا وبعضها أكثر ، كما إذا فرضنا لشخص وجود إنكار ضعيف ، ولآخر إنكار شديد.
(١) قوله : «ورعاية الاعتبارات» عطف على «المقامات» ، وهذا العطف إنّما هو من قبيل المقتضى ـ بالفتح ـ على المقتضي ـ بالكسر ـ ، ويكون للتّنبيه على أنّ مجرّد تفاوت المقامات لا يوجب تفاوت درجات البلاغة ، بل إنّما يوجب ذلك مع رعاية الاعتبارات كثرة وقلّة ، بمعنى أنّ رعاية الخصوصيّتين في كلام يوجب كون بلاغته أعلى من بلاغة كلام روعيت فيه خصوصيّة واحدة ، ورعاية ثلاث خصوصيّات في كلام يوجب كون بلاغته أعلى من كلام روعيت فيه خصوصيّتان ، وهكذا.
(٢) عطف على «المقامات».
(٣) حاصل الكلام : إنّ تفاوت الكلامين في البلاغة ، كما هو بواسطة تفاوت المقامات مع رعاية الاعتبارات ، كذلك يكون بواسطة تفاوت البعد عن أسباب الإخلال بالفصاحة ، كما لو كان هناك كلام مطابق لمقتضى الحال ، وكان خاليا عن الثّقل بالكلّيّة كقولك : أنا أثنيه عند قصد التّخصيص لكون الحال يقتضيه ، وكان هناك كلام آخر كذلك ، إلّا أنّه مشتمل على شيء يسير من الثّقل كقولك : أنا أمدحه عند التّخصيص لكون الحال يقتضي ذلك ، فالكلام الأوّل أعلى درجة من ناحية البلاغة من الكلام الثّاني لكون الأوّل بعيدا من أسباب الإخلال بالفصاحة لعدم اشتماله على شيء من قبيل الثّقل بخلاف الثّاني حيث يكون مشتملا على شيء من الثّقل النّاشئ عن قرب المخرج بين الحاء والهاء ، وإن لم يكن على نحو يوجب الإخلال بالفصاحة.
(٤) وهي المحسّنات البديعيّة. وللعلّامة المرحوم الشّيخ موسى البامياني رحمهالله كلام لا يخلو عن فائدة ، حيث قال ـ ما هذا لفظه ـ : قد يقال : إنّ توصيف الوجوه بالأخريّة لا فائدة فيه ، لأنّه معلوم من قوله : «وتتبعها» ، ضرورة أنّ التّابع غير المتبوع ، ومعلوم أنّ