ففيه فصل بين المبتدأ والخبر أعني ـ أبو أمّه أبوه ـ بالأجنبيّ الّذي هو ـ حيّ ـ وبين الموصوف والصّفة أعني ـ حيّ يقاربه ـ بالأجنبي الّذي هو ـ أبوه ـ وتقديم المستثنى أعني : ـ مملّكا ـ على المستثنى منه ، أعني ـ حيّ ـ وفصل كثير بين البدل وهو ـ حيّ ـ والمبدل منه وهو ـ مثله ـ ، فقوله ـ مثله ـ اسم ما ، وـ في النّاس ـ خبره ، وـ إلّا مملّكا ـ منصوب لتقدّمه على المستثنى منه (١). قيل : ذكر ضعف التّأليف يغني عن ذكر التّعقيد اللّفظي (٢).
وفيه نظر (٣) لجواز أن يحصل التّعقيد باجتماع عدّة أمور موجبة لصعوبة فهم المراد وإن كان كلّ واحد منها جاريا على قانون النّحو.
وبهذا (٤) يظهر فساد ما قيل : إنّه لا حاجة في بيان التّعقيد في البيت إلى ذكر تقديم المستثنى على المستثنى منه ، بل لا وجه له ، لأنّ ذلك جائز باتّفاق النّحاة ، إذ لا يخفى أنّه يوجب زيادة التّعقيد وهو (٥) ممّا يقبل الشّدّة والضّعف.
______________________________________________________
(١) أي لو كان المستثنى مؤخّرا عن المستثنى منه لكان المختار فيه الرّفع حيث إنّ الكلام منفي ، وقد حمل بعضهم البيت على وجه لا تعقيد فيه ، فجعل قوله : «مملّكا» مستثنى من ضمير الجار والمجرور ، وجعل قوله «أبو أمّه حيّ» مبتدأ وخبرا ، وقوله «أبوه» خبرا ثانيا ، والجملة صفة لقوله «مملّكا» وجعل قوله : «يقاربه» صفة ثانية.
(٢) القائل هو الخلخالي حيث توهّم أنّ ذكر الضّعف يغني عن ذكر التّعقيد اللّفظي لأنّه السبّب له وذكر السّبب يغني عن ذكر المسبّب.
(٣) أي فيما قيل نظر وحاصله : أنّ ضعف التّأليف لا يغني عن التّعقيد اللّفظي لأنّ المراد بالثّاني مخالفة استعمال الفصحاء ، وبالأوّل مخالفة أصول النّحاة ، فيجوز أن يحصل التّعقيد باجتماع عدّة أمور موجبة لصعوبة فهم المراد ، وإن كان كلّ منها جاريا على قانون النّحو وذلك كتقديم المفعول والمستثنى والخبر على الفاعل والمستثنى منه والمبتدأ.
(٤) أي بما ذكر بقوله : «لجواز أن يحصل» مع قوله : «وإن كان كلّ منها ... يظهر فساد ما قيل إنّه لا حاجة ...». ووجه الفساد ما أشار إليه بقوله : «إذ لا يخفى أنّه لا يوجب زيادة التّعقيد».
(٥) أي التّعقيد ممّا يقبل الشّدّة والضّعف.