[مريم : ١٩ / ٣٠] ، والذبيح أوتي العلم والحلم غلاما ، قال : (وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ) (١) [الذاريات : ٥١ / ٢٨] ، وفي آية أخرى (٢) (حَلِيمٍ) [الصافات : ٣٧ / ١٠١].
فهذا هو الّذي يصحّ من أحوالهم ، ويعتقد في جانبهم الكريم.
وإذا كان هذا شأنهم في حال الطّفوليّة ، فما ظنّك بهم في حال الإدراك وكمال العقل؟!.
فحاشاهم أن يكفروا اعتقادا أو يتلفّظوا بكلمة كفر : كانوا صغارا أو كبارا.
فإن قيل : فمن أين عرفوا الله تعالى قبل النّبوة؟!.
فنقول : بالنّظر والاستدلال.
فإن قيل : فقد كانوا زمن النّظر غير عالمين بالله تعالى!.
قلنا : كذلك هو ، لكن ما دام المحلّ معمورا بالنّظر لم يحكم له بكفر ولا بإيمان ، إلا أنّه كان آخر نظرهم متّصلا بالعلم ، ففي أثر ما نظروا عرفوا الحقّ حقا من غير أن يعتقدوا جهلا أو يتلفّظوا بكلمة كفر.
ومن الناس من قال : إنّهم علموا خالقهم بعلوم ضرورية (٣) على جهة الخرق والإكرام لهم.
وهذا سائغ في المقدور لائق بهم ، إلاّ أنّهم يفوتهم في ذلك أجر الكسب ، إذ (لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاَّ ما سَعى).
__________________
(١) ـ (عليم) أي يكون بعد بلوغه من أولي العلم بالله ودينه.
قال في الجامع لأحكام القرآن : الجمهور على أن المبشّر به هو إسحاق. وقال مجاهد وحده : هو إسماعيل. قال : وليس بشيء فإن الله تعالى يقول : (وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ) وهذا نصّ.
(٢) (فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ) أي يكون حليما في كبره ، فكأنه بشّر ببقاء ذلك الولد ، لأن الصغير لا يوصف بذلك.
(٣) أي : فطريّة.