هناك ، ممّا سأشير
إليه بعد ، ونسجه بأسلوب أدبيّ متقن ، واضح ، سائغ ، مفهوم ، متسلسل.
والكتاب ينضح عن
ثقافة منوّعة واسعة ، ومعرفة بالعلوم الإسلامية المختلفة ، وقدرة على استيعابها
والتعبير عنها بأدواتها ، ولكنه لم يثقل النص بالمصطلحات أو التعقيدات المألوفة في
مثل هذه المؤلفات.
وموضوع الكتاب كان
يحتمل من المؤلف ـ رحمهالله ـ أن يوسّعه ويزيد في صفحاته ، ويوغل في التّفصيلات
والتعليقات ، ولكنّه أراد أن يقدّم الموضوع المطروح مباشرة ، وأن يكتفي بما يوصل
الفكرة ويؤدّي الغرض ، وفضّل أسلوب المساواة ، والعبارة القاصدة.
ولا أبالغ إذ أقول
: إنّ صياغة الكتاب ، وأسلوب الكتاب ، وطريقة تناول فقراته ومعالجتها تعدّ في
مزايا الكتاب ، وتضيف إليه أهميّة خاصّة.
وقد يلمح القارئ
بعض المفردات الشديدة الوقع ، أو البالغة الحماسة وهذا صحيح ، ولكن المؤلّف لم
يعتمد على إيحاء الألفاظ المشعّة للوصول إلى الإقناع ، على أنّه لم يكن يوفّر
المفردة المناسبة في لحظة الحماسة لتعبّر عن خطورة الموقف ، أو لينفّس المؤلف عن
قلمه وهو يذكر ترّهات أولئك الجاهلين أو المفسدين ، كقوله في المقدّمة : «... ثم
قيّض الله لتلك الحكايات في هذا الوقت المنكوب شرذمة من المقلّدة المنتمين إلى
الوعظ والتذكير ، فتراهم ينتقلون من المزابل إلى المنابر فيطرحون الكلام في وظائف
التوحيد ، ومزعجات الوعد والوعيد ، وأقسام أهل الدّارين في الدرجات والدّركات ،
ويخوضون في أحوال الأنبياء عليهمالسلام ، ويتمندلون بأعراضهم على رءوس العوام والطّغام ولا مشفق
على دين الله تعالى ، ولا محتاط على أغمار المقلّدة ، ولا زاجر ذا سلطان ، حتّى
كأننا ملّة أخرى ...» إلخ.