وإذا كانت الثّلاث الأخر بأمر الله تعالى له فلا حرج فيها لكونه مأمورا بها ، فتخرج له مخرج قول الملك لداود عليهالسلام (إِنَّ هذا أَخِي) [ص : ٣٨ / ٢٣] ولم يكن أخاه حقيقة. وقوله (لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً) [ص : ٣٨ / ٢٣] ولم يكن له نعاج ، إلى آخر ما قاله.
وقول يوسف عليهالسلام لإخوته (إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) [يوسف : ١٢ / ٧٠] كما قدّمناه حرفا بحرف.
والأظهر من الوجهين الأخير منهما ، ودليلنا عليه أن الستّة الألفاظ في التلفّظ بخلاف المعتقد على سواء.
فذكر الثّلاث والإعراض عن ذكر الثّلاث الأخر ، مع ورعه عليهالسلام وشدّه مراقبته ، دليل على أنّ الّتي أعرض عن ذكرها كانت بأمر الله تعالى.
الثالث : ما جاء في الصّحيح أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال (١) : «لم يكذب إبراهيم عليهالسلام في الإسلام إلاّ ثلاث كذبات ، كلّها ما حل بها عن دين الله : قوله في الكوكب (هذا رَبِّي) ، وقوله في سارة «هي أختي» وقوله في الأوثان (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا)».
فقد فسّرها عليهالسلام حين عدّها ثلاثا ، فصارت الثّلاثة : القولات في الكواكب كالواحد في العدد لكونها متّحدة في المعنى. وانضافت إليها قولته عن سارة ، وقولته عن الأوثان ، فصارت ثلاثا.
وتكون قولته : (إِنِّي سَقِيمٌ) حقيقة ، وتكون النّجوم هنا ما ينجم له من
__________________
(١) في صحيح مسلم ٤ / ١٨٤٠ ، من حديث أبي هريرة رضياللهعنه ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لم يكذب إبراهيم النبيّ ـ عليهالسلام ـ قطّ إلاّ ثلاث كذبات ، اثنتين في ذات الله : قوله : إنّي سقيم ، وقوله :بل فعله كبيرهم هذا ، وواحدة في شأن سارة ..» وذكر خبر إبراهيم وسارة مع الجبّار.