ويختصّ «حبّذا» بعدم جواز تقدّم المخصوص عليه ، لما ذكر من أنّه جار مجرى المثل.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وما سوى ذا ارفع بحبّ أو فجر |
|
بالبا ودون ذا انضمام الحاكثر |
إذا قيل : «حبّ الرّجل زيد» دون «ذا» ، فلك أن تأتي بـ «الرّجل» مرفوعا ، لأنّه هو الفاعل ، ولك أن تجرّه بالباء ، فتقول : «حبّ بالرّجل» ، ولك في أوّله ـ وهو الحاء ـ الفتح والضّمّ.
وهذه المسألة لا تختصّ بـ «حبّ» ، بل هو من جملة ما بني على «فعل» ، للدّلالة على المدح أو الذّمّ ، وقد سبق أنّ في صيغته ثلاث لغات ، وأنّ في الاسم الّذي بعده وجهان (١) / ، فإفراد المصنّف لها بالذّكر يوهم اختصاص الحكمين بها ، وليس كذلك.
وكذلك إفراده (٢) «ساء» بالذّكر ليس بشيء ، فإنّها من جملة هذا القسم ، فإنّ أصلها «سوء» قلبت واوها ألفا لتحرّكها ، وانفتاح ما قبلها ، فهي كـ «جاد الرّجل زيد» و «فاق الّرجل زيد».
__________________
وإنما خص الصيف لأن سؤالها الطلاق كان في الصيف ، أو أن الرجل إذا لم يطرق ماشيته في الصيف كان مضيعا لألبانها عند الحاجة. ويروى : «في الصّيف ضيّعت اللّبن».
انظر مجمع الأمثال للميداني : ٢ / ٤٣٤ ، جمهرة الأمثال للعسكري : ١ / ٥٧٥ ، اللسان (ضيع) ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٠٠ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٤٥ ، شرح الألفية للشاطبي (رسالة دكتوراه) : ١ / ٦٣ ، الخزانة : ٤ / ١٠٥ ، الفاخر : ٩٠.
في الأصل : إحدى. وهذا رأي ابن مالك والأكثرين ونسب للخليل وسيبويه. وقال ابن كيسان : إنما لم يختلف «ذا» لأنه إشارة أبدا إلى مذكر محذوف ، والتقدير في «حبذا هند» : «حبذا حسن هند» ، وكذا باقي الأمثلة. ورد بأنه دعوى بلا دليل. وقال الفارسي في البغداديات : لأن «ذا» جنس شائع فالتزم فيه الإفراد كفاعل «نعم وبئس» المضمر ، ولهذا يجامع التمييز ، فيقال : «حبذا زيد رجلا».
انظر الكتاب : ١ / ٣٠٢ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ١١١٧ ، المسائل المشكلة (البغداديات) : ٢٠١ ، شرح المرادي : ٣ / ١١٠ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٠٠ ، شرح الأشموني : ٣ / ٤١ ، الهمع : ٥ / ٤٥ ـ ٤٦.
(١) انظر ص ٤٠ / ج ٢ من هذا الكتاب.
(٢) في الأصل : افراه.