وتقتضي نفي ما أثبت بحرف التّنفيس» (١) ، من غير دلالة على التّأبيد (٢) ، ولا منافاة له (٣).
الثّاني : «كي» ، وظاهر كلامه هنا أنّها ناصبة بنفسها مطلقا ، والصواب ما قسّمه في غير هذا الموضع ، من أنّ المصدريّة ناصبة بنفسها ، والتّعليليّة الّتي بمعنى الّلام ، النّصب بعدها بإضمار «أن» (٤).
وتعرف المصدريّة بدخول لام التّعليل عليها ، نحو : (لِكَيْلا)(٥) تَأْسَوْا [الحديد : ٢٣] ، والتّعليليّة بدخولها على الّلام ، نحو :
__________________
المغني : ٢ / ٦٨٧ ، الجنى الداني : ٢٧٢ ، حاشية الصبان : ٣ / ٢٧٨ ، المنقوص والممدود للفراء : ٣٦.
(١) أي : لنفي الفعل المستقبل ، إما في غاية ينتهي إليها ، نحو : (لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى ،) وأما إلى غير غاية نحو : (لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً ،) وهذا مذهب الجمهور.
انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٢٩ ، المقتضب : ٢ / ٦ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٣٩١.
(٢) لأنها لو كانت للتأبيد لزم التناقض بذكر «اليوم» في قوله تعالى : (فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ،) ولزم التكرار بذكر «أبدا» في قوله تعالى : (وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً) ولم تجتمع مع ما هو لانتهاء الغاية ، نحو قوله تعالى : (فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي ،) قال الأزهري : «وتأبيد النفي في (لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً) لأمر خارجي ، لا من مقتضيات «لن». انتهى. وخالف الزمخشري في بعض نسخ أنموذجه فذهب إلى أنها تفيد تأبيد النفي ، ووافقه المرتضي في التاج. وذهب في مفصله وبعض نسخ أنموذجه الأخرى إلى أنها تفيد توكيد النفي ، ووافقه العصام في شرح الفريد. قال ابن هشام : «وكلاهما دعوى بلا دليل».
انظر الهمع : ٤ / ٩٤ ـ ٩٥ ، شرح المرادي : ٤ / ١٧٣ ، جواهر الأدب : ٣٢٢ ، شرح الأشموني : ٣ / ٢٧٨ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٢٩ ، الأنموذج بشرح الأردبلي : (٨٩ / أـ مخطوط) ، الأنموذج : ١٠٢ ، مغني اللبيب : ٣٧٤ ، موصل الطلاب للأزهري : ١٣١ ، الجنى الداني : ٢٧٠ ، التسهيل : ٢٢٩ ، شرح الرضي : ٢ / ٢٣٥ ، شرح ابن يعيش : ٨ / ١١١ ، المفصل : ٣٠٧ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٥٣١ ، تاج علوم الأدب : ٢ / ٣٨٣ ، شرح الفريد : ٢٢٠ ، حاشية الخضري : ٢ / ١١٠ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٣٩١ ، شرح القطر للفاكهي مع حاشية يس عليه : ١ / ١٤٣.
(٣) الظاهر من قول ابن طولون هنا أنه موافق للزمخشري فيما ذهب إليه في أنموذجه أن «لن» تفيد تأبيد النفي.
(٤) قال ابن مالك في شرح الكافية : (٣ / ١٥٣١): «ثم بينت أن «كي» على ضربين :
أحدهما : كونها حرفا مصدريا بمعنى : «أن» ، ومساوية لها في الاستقلال بالعمل.
والثاني : كونها حرف تعليل بمعنى اللام ، والنصب بعدها حينئذ بـ «أن» مضمرة غير جائزة الإظهار. انتهى.
(٥) في الأصل لليلا.