ما قام القوم ، وقام زيد ، والجواب : أنهما في اللفظ كلام ، والإبدال معاملة لفظية ؛
قال بعضهم : لو كان بدل البعض ، وجب الضمير ، وليس من بدل الكل ، ولا الاشتمال ، فهو شبيه بالغلط ، وبدل الغلط لا يكون في فصيح الكلام ؛
والجواب : أنه بدل البعض ، ولم يحتج إلى الضمير لقرينة الاستثناء المتصل لإفادته أن المستثنى بعض المستثنى منه ؛
قال ثعلب (١) : كيف يكون بدلا ، والأول مخالف للثاني في النفي والإيجاب؟ والجواب : أنه لا منع منه مع الحرف المقتضي لذلك ، كما جاز في الصفة ، نحو : مررت برجل لا ظريف ولا كريم ، جعلت حرف النفي مع الاسم الذي بعده ، صفة لرجل ، والإعراب على الاسم ، كذلك يجعل في نحو : ما جاء القوم إلا زيد ، قولنا (٢) إلا زيد ، بدلا ، والإعراب على الاسم ؛ ولو كان عطفا ، لم يكن معنى الكلام مع حذف المتبوع ، كمعناه مع ثبوته ، إذ ذلك من أحكام البدل لا من أحكام العطف ؛
والفراء يمنع النصب على الاستثناء ، إذا كان المستثنى منه منكرا ، فيوجب البدل (٣) ، في نحو : ما جاءني أحد إلا زيد ، ويجيز النصب والإبدال في : ما جاءني القوم إلا زيد ، وإلا زيدا ، ولعلّه قاس ذلك على الموجب ، فانه لا ينتصب المستثنى فيه ، إلا والمستثنى منه معرّف باللام ، فلا يجوز : جاءني قوم إلا زيدا ، لأن دخول «زيد» في «قوم» المنكر غير قطعي حتى يخرج بالاستثناء ؛
وليس بشيء ، لأن امتناع ذلك في الموجب لعدم القطع بالدخول ، وفي غير الموجب : المستثنى داخل في المستثنى منه المنكر ، ولهذا إذا علم في الموجب دخول المستثنى في المستثنى منه المنكر ، جاز الاستثناء اتفاقا ، نحو : له عليّ عشرة إلا واحدا ؛
__________________
(١) هو الإمام أحمد بن يحيى من زعماء الكوفيين ، وقد تقدم ذكره باسمه ،
(٢) نائب فاعل لقوله : يجعل ،
(٣) هذا تسامح ، لأن الإتباع عند الفراء على جعله عطف نسق كما تقدم ، وكذلك في قوله بعد : ويجيز النصب والإبدال ،