[الجملة الفعلية]
[بعد إلا]
واعلم أن أصل «الّا» ، أن تدخل على الاسم ، وقد يليها في المفرّغ فعل مضارع ، إمّا خبر لمبتدأ ، كقولك : ما الناس الا يعبرون ، وما زيد إلا يقوم ؛ أو حال ، نحو : ما جاءني زيد إلا يضحك ؛ أو صفة ، نحو : ما جاءني منهم رجل إلّا يقوم ويقعد ؛ ويجوز أن يكون هذا حالا لعموم ذي الحال (١) ؛
وإنما شرط التفريغ ، لتكون «الّا» ملغاة عن العمل على قول (٢) ، أو عن التوصل بها إلى العمل على قول آخر ، فيسهل دفعها عما تقتضيه من الإسم ، لانكسار شوكتها بالإلغاء ، وشرط كونه مضارعا لمشابهته للاسم ؛ وأمّا الماضي ، فجوّزوا أن يليها في المفرغ بأحد قيدين ، وذلك إمّا باقترانه بقد ، نحو : ما الناس إلا قد عبروا ، وذلك لتقريبها له من الحال (٣) ، المشبه للاسم ؛ وإمّا تقدم ماض منفي ، نحو : قولهم : ما أنعمت عليه إلا شكر ، وما أتيته إلا أتاني ، وعنه عليه الصلاة والسّلام : «ما أيس الشيطان من بني آدم إلا أتاهم من قبل النساء» ، وذلك إذا قصد لزوم تعقّب مضمون ما بعد «إلا» ، لمضمون ما قبلها ؛
وإنما جاز أن يليها الماضي مع هذا القصد ، لأنّ هذا المعنى هو معنى الشرط والجزاء ، في الأغلب ، نحو : إن جئتني أكرمتك ، وإنما قلت في الأغلب لأنه قد لا يكون (٤) مضمون الجزاء متعقبا لمضمون الشرط ، بل يكون مقارنا له في الزمان ، نحو : إن كان هناك نار كان احتراق ، وإن كان هناك احتراق فهناك نار ، وإن كان الإنسان ناطقا فالحمار ناهق ، لكن التعقب المذكور هو الأغلب ؛
__________________
(١) من استطرادات الرضي أيضا ،
(٢) أي لأنه نكرة في سياق النفي ،
(٣) أي على القول بأنها هي العاملة ، أو على القول بأنها واسطة في العمل ،
(٤) أي المضارع الذي يدل على الحال ؛
(٥) يكثر تعبير الرضي بمثل هذا ، أي دخول قد على الفعل المنفي ، وقد أشرت في أكثر من موضع إلى هذا وقلت أنه غير موافق للقواعد ،