يعش الناس إلا زيد ، وكذا لا يجوز في الأمر والشرط ، الإبدال والتفريغ ، نحو ليقم القوم إلا زيد ، وإن قام أحد إلا زيد قمت ،
وكان الزجاج يجيز البدل في قوله تعالى : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ) لتأويله التحضيض بالنفي ، لأن المعنى : ما آمنت قرية ، إذ اللوم على ما فات دلالة على انتفائه ، وقد ردّه النحاة ؛ (١)
وأمّا قوله تعالى : (فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا)(٢) ، فبالنصب لا غير ،
وقولنا (٣) غير مردود به كلام تضمّن الاستثناء ، احتراز عن نحو : ما قام القوم إلا زيدا ، ردّا على من قال : قام القوم إلا زيدا ، إذ النصب ههنا أولى ، لقصد التطابق بين الكلامين ،
وقولنا : وألّا يتراخى المستثنى عن المستثنى منه ، احتراز عن نحو : ما جاءني أحد حين كنت جالسا ههنا ، إلا زيدا ، فإن الإبدال ليس بأولى ههنا من النصب ، إذ كونه مختارا لقصد التطابق بينه وبين المستثنى منه ، ومع تراخي ما بينهما ، لا يتبيّن ذلك ؛
فاذا تقرّر هذا ، فاعلم أن هذا الاتباع ، إبدال عند البصريّة ، لأن عبرته (٤) بجواز حذف المتبوع ، وهو ههنا جائز ؛
وقال الكسائي ، والفراء : «إلّا» حرف عطف بهذه الشروط ، ولا خلاف بينهم في معنى «إلا» وأنه للاستثناء ، وإنما جعلاه عطفا ، لأن البدل والمبدل منه في كلام واحد ، والمستثنى من حيث المعنى في كلام ، والمستثنى منه في آخر ، لأن معنى ما قام القوم إلا زيد :
__________________
(١) تقدمت هذه العبارة في هذا الباب ولكل موضع مناسبته ،
(٢) الآية ١١٦ سورة هود وتقدمت في أول الباب ،
(٣) عودة إلى تفسير ما ذكر من الشروط لترجيح الإبدال ،
(٤) أي اعتباره ووجه معرفته ،