٢١٨ ـ في ليلة لا نرى بها أحدا |
|
يحكي علينا إلا كواكبها (١) |
و «نرى» من روية العين ، وفي جعله من رؤية القلب ، كما ذهب إليه سيبويه ، نظر ، لكونه مخالفا لظاهر معنى البيت ، فالإنصاف (٢) والحكاية منفيان معنى ؛ بلى ، لو قلت : لا أوذي أحدا يوحّد الله تعالى إلا زيدا ، لم يجز الإبدال من ضمير «يوحّد» ، لأن التوحيد ليس بمنفي ، بل الأذى (٣) فقط ؛
وكذا يجوز الإبدال من المضاف ، والمضاف إليه المتعدد ، إذا كان المضاف معمولا لغير الموجب ، نحو : ما جاءني أخو أحد إلا زيد ، وفي حكمه : ما في وصف معمول غير الموجب ، نحو : ما أتاني غلام لأحد إلا زيد ،.
قولنا : أو مووّل به ، يدخل نحو : قلّما رجل يقول ذلك إلا زيد ، وفي : قلّ رجل ، وقلما رجل وأقل رجل : معنى النفي ؛
قال أبو علي : قلّما ، يكون بمعنى النفي الصّرف ، نحو : قلّما سرت حتى أدخلها بالنصب لا غير ، ولو كان للإثبات لجاز الرفع ، كما يجيئ في نواصب الفعل ، قال : ويجيئ بمعنى إثبات الشيء القليل كقوله :
٢١٩ ـ قلّما عرّس حتى هجته |
|
بالتباشير من الصبح الأول (٤) |
والأغلب الأوّل ،
ولكون «أقل رجل» مؤولا بالنفي ، لا يدخله نواسخ الابتداء ، كما لا تدخل على
__________________
(١) هذا من أبيات لأحيحة بن الجلاح الأنصاري يقول فيها قبل هذا البيت :
يا ليتني ليلة إذا هجع النا |
|
س ونام الكلاب صاحبها |
وقال البغدادي بعد أن أورد الأبيات أنه تصفح ديوان عدي بن زيد فلم يجد فيه هذا الشعر ،
(٢) المستفاد من قوله ينصفني في المثال ، والحكاية المستفادة من قول الشاعر : يحكي علينا ،
(٣) المناسب أن يقول : الإيذاء ، ليتناسب مع «أوذي» ،
(٤) التعريس : النزول آخر الليل للنوم أو الراحة ، وهجته : أيقظته ، أو أفزعته ، بالتباشير ، أي بظهور التباشير من الصبح ، والأول جمع أولى صفة للتباشير وهو من شعر لبيد بن ربيعة ،