عن المستثنى منه المشتمل عليه استفهام أو نهي أو نفي صريح أو مؤول به غير مردود به كلام تضمّن الاستثناء ؛ وألّا يتراخى المستثنى عن المستثنى منه ؛
فقولنا المشتمل عليه استفهام أو نهي أو نفي ، يدخل فيه الضمير الراجع قبل الاستثناء بإلا ، على اسم صالح لأن يبدل منه ، معمول للابتداء أو أحد نواسخه ، نحو قولك : ما أحد ضربته إلا زيدا ، يجوز لك الإبدال من هاء ضربته ، لأن المعنى : ما ضربت أحدا إلا زيدا فقد اشتمل النفي على هذا الضمير من حيث المعنى ؛ وكذلك إذا كان الضمير في صفة المبتدأ ، نحو : ما أحد لقيته كريم إلا زيدا ؛
ومثال دخول النواسخ : ما ظننت أحدا يقول ذلك إلا زيد ، بالرفع بدلا من ضمير «يقول» لأن المعنى : ما يقول ذلك في ظنّي إلا زيد ؛
والإبدال من صاحب الضمير أولى ، لأنه الأصل ، ولا يحتاج إلى تأويل ، لكونه في غير الموجب ؛
ولو لم يرجع الضمير إلى المبتدأ في الأصل أو في الحال ، لم يجز الإبدال منه على ما قيل ، فلا تقول : ما ضربت أحدا بقول ذلك إلا زيد بالرفع بدلا من ضمير يقول ، لأن القول ليس بمنفي ، بل المنفي الضرب ؛
قال سيبويه (١) : إذا قلت : ما رأيت أحدا يقول ذلك إلا زيدا ، ورأيت بمعنى أبصرت ، وجب نصب المستثنى ، لأنه ليس من نواسخ الابتداء ،
هذا قوله ، وأنا لا أرى بأسا ، في غير نواسخ الابتداء ، أيضا ، في الإبدال من ضمير راجع إلى ما يصلح للإبدال منه ، إذا شمل النفي عامل ذلك الضمير ، نحو : ما كلمت أحدا ينصفني إلا زيد ، لأن المعنى : ما أنصفني أحد كلّمته إلا زيد ، ومنه قول عدي بن زيد :
__________________
(١) منقول بمعناه من سيبويه ، ج ١ ص ٣٦١